20 مارس 2011.... نبيل رجب: الحكاية الأولى

2013-03-22 - 12:05 م


مرآة البحرين (خاص): أصوات قليلة، تلك التي قاومت صدمة "السلامة الوطنية"، ولم تستسلم للخوف أو للحذر، ولم تخضع لإرادة "المشير"، الذي تسلّط على البلاد والعباد، وعاث فيها الفساد كله بأمر من "جلالة الملك"!

وفي حين التزم كثيرون الصمت، مضطرين ومختارين، في أقسى الأوقات التي مرت بها الثورة، تلك الأصوات فقط هي التي استمرت، على القنوات الفضائية ووسائل الإعلام ومختلف المنابر الأخرى، رغم كل ما يمكن أن يحدث في "حفلة الزار"، كما أطلق عليها أمين عام جمعية الوفاق "الشيخ علي سلمان". 

من بين الذين لم يعتقلوا، نبيل رجب، كان الصوت الأكثر تميزا! لم يتحفظ على أن يظهر في قناة "العالم" الإيرانية، رغم توجهه "الليبرالي"، ورغم مخاوف الوقوع في شبهة "العمالة" لإيران.

كان همه الوحيد أن يكون هناك ضغط إعلامي، أن يسمع النظام رسالة مواجهة، وصوتا آخر يقاوم كل ما يفعله ويفضحه، في ظل تعتيم كبير من وسائل الإعلام الدولية، وتجاهل متعمد من الإعلام العربي. في قناة CNN، سيظهر "نبيل رجب"، أيضا وأيضا، وسيستضيف مذيعة القناة "أمبر لايون"، ومراسل قناة "بي بي سي" فرانك غاردنر.

"لم يكن يتملكه الخوف من الاعتقال ولا لحظة" تقول زوجته سمية رجب "كنا نتوقع أن يعتقل في أي وقت، جميع العائلة تظل حتى الصباح، في انتظار أن يهاجم البيت، كنت أنا أظل في كامل ملابسي استعدادا لما هو متوقع، هو بكل برود يذهب للنوم الساعة 1 أو 2".

في إحدى المرات، صعّد من خطابه في إحدى القنوات الفضائية، ووجّه انتقادات مباشرة للملك ورئيس الوزراء، حينها اتصل به رفيقه الناشط المعتقل "عبد الهادي الخواجة" وطلب منه أن يتخفى منعا لاعتقاله، لكن نبيل رفض.

20 مارس/آذار 2011، الواحدة بعد منتصف الليل، وصل "زوار الفجر" بيت نبيل رجب، يتقدمهم مدنيون مسلحون "ظنناهم بلطجية، أيقظنا نبيل، قلنا له البلطجية قادمون، طلينا مرة أخرى فرأينا قوات شغب، خف روعنا قليلا، هم في النهاية أقل خطورة من البلطجية".

في البداية دخلوا بيت المرحومة "أم نبيل"، كسروا الباب وأشهروا السلاح في رأس أخ نبيل. ثم اتجهوا إلى بيته، كانوا يحاولون كسر الباب، وكسروا جزءا منه "سأفتح الباب لا تكسروه" تحدثت لهم "سمية" من النافذة العلوية، دخلت قوات الشغب بأعداد كبيرة، عشرات الجنود حاصروا البيت، ثم انتشروا في كل مكان فيه دون أدنى مجال للنقاش.

"كانوا خائفين، خافوا حتى حين فتحت النافذة" نزل نبيل ولاقى المدنيين، أخذوه إلى غرفة النوم في الطابق العلوي "ركبت معهم لآخذ ابنتي، والضابط يصرخ علي، انزلي انزلي، لا تخافين سأنزلها لك" ملك فتحت عيونها على الملثمين، ونزلت منذهلة "ظننت أبي كان يمزح معي، وأنه أرسل أحدهم ليوقظني، حتى نزلت من الدرج!" تقول ملك.

قيدت حركة الجميع، منعتهم القوات حتى أن يطلوا من النافذة. ظلوا مع نبيل نصف ساعة تقريبا "نثروا كل شيء كان في خزانتي بقلة حياء لاستفزاز نبيل، وطلبوا حتى مفاتيح (التجوري) الخاص بي" كانوا يجرون نبيل جرا، ويفتشون في كل أغراضه "أخذوا كل الهواتف التي ليست في أيدينا، وأجهزة اللاب توب، وأوراق المكتب. نبيل أخذ جهازه إلى الحمام، لكنه لم يسلم أيضا. شحنوها جميعا في صناديق كارتونية، وأخذوها".

مراسل "بي بي سي"، الرجل المقعد، فرانك غاردنر، كان يبيت عند نبيل، وشهد الحادثة. أخذ يسألهم وهو في ذهول "لماذا أنتم ملثمون؟" وكان ردهم أنهم أخذوا جهاز كمبيوتره هو الآخر!

أخذوا نبيل معهم إلى الخارج، مكبلا، وهم يهزأون ويسخرون به، رموه في الصندوق الخلفي لإحدى السيارات، وظل معهم 3 أو 4 ساعات، بدا وكأنهم لا يعرفون إلى أين يأخذونه، أخذوا به جولات وهم يسوقون بسرعة جنونية، كان نبيل يظن أنهم في الرفاع، بالقرب من القضاء العسكري، كانوا يضربونه ويطلبون منه أن يقول "عاش عاش خليفة" لكنه كان يرفض، ليلقى السب واللكمات والركلات التي طبعت حتى على قميصه. 

بعد ذلك، ذهبوا به جهة منطقة "عالي"، وكانوا على ما يبدو يقصدون منزل الناشط "يوسف المحافظة" والذي كان مختفيا وقتها. لكن السيارة استدارت فجأة وبسرعة جنونية، كان ذلك قرب دوار "الساعة" في الرفاع. توقف الضرب عن نبيل وتغيرت لهجتهم معه ورفعوا العصابة عن عينيه. بدا وكأن أمرا ما قد وصلهم للتو، ليكشف مدى تخبطهم، بعد أن كانوا للتو يهددون بفعل المزيد والمزيد!

ذهبوا به إلى مكتب في أحد المباني، وأحضروا له عصيرا، ثم قابله ضابط كبير. في اللقاء، اعترض نبيل على ضربه ومعاملته بهذه الطريقة، وكان الضابط يرد بأننا "لم نعطهم أوامر بذلك وهذا تصرف شخصي". تكلم معه الضابط باحترام، و ادعى أنهم اقتحموا البيت للاشتباه بوجود سلاح! انتهى اللقاء ولم يسجل معه محضر تحقيق!

"بعد حوالي 4 ساعات، تفاجأنا به يدخل البيت" رجع نبيل وأرجعوا معه جميع أشيائه، وحملوها بأنفسهم إلى الداخل. لا زالت القصة غير مفهومة، لماذا اعتقل، ولماذا أفرج عنه؟ كون نبيل رجب "حقوقي دولي" له مناصب في أرقى المنظمات الدولية، أعطاه نوعا من الحصانة في ذلك الوقت فقط، كما أن نشاطه لم يشتبك بالخط السياسي، وكان حقوقيا بحتا جدا، وهو ما جعل المس به موضوعا حرجا جدا.

كان الخبر قد انتشر بسرعة غريبة، وفي اليوم التالي حضر إلى منزل رجب الكثير من أجهزة الأعلام والمؤسسات الصحفية، وكان هاتفه لا يتوقف عن الرنين. حضر كذلك مندوبون عن السفارة الأمريكية والعديد من الدبلوماسيين، واستمرت الوفود ووسائل الإعلام في التوافد على بيت رجب على مدى أسبوع.

عامين على الحادثة، لكن نبيل رجب، في السجن مجددا، ودون حصانة!


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus