البحرين اليوم: الفاكهة المتساقطة، والمؤامرات الخارجية، وغضب الشارع

2013-03-24 - 9:06 ص


مارك أوين جونز: مدونة مارك أوين جونز 
ترجمة: مرآة البحرين

حتى بمقاييس البحرين، (اليوم) كان حافلًا جدًا. فبالإضافة إلى الاحتجاجات الواسعة النطاق، وقمع الشرطة، والمقالات الرهيبة في جريدة أخبار الخليج، كانت هناك حوادث غريبة عن الفاكهة المتساقطة، والمؤامرات الخارجية، وغضب الشارع. هذا المقال يفصّل تلك الحوادث – لا لأنها مرتبطة، بل لأنها جميعها تخبر عن حكاياها المثيرة للاهتمام.

غضب الشارع

(اليوم) امرأة من المحرق تزعم بأنها هوجمت من قبل المحتجين خرجت من سيارتها وتصدت للمجرمين. وتقول  على تويترها بأن سيارتها قد هوجمت بالألواح والحجارة. ممتلئةً غضبًا، خرجت من السيارة ( التي كان مذياعها يردد أغنية " أهلا يا بو سلمان"  - بيعة لآل خليفة) وصورت نفسها وهي تهين الشباب (مقاطع الفيديو هنا وهنا). ومن بين كلمات الإهانة كانت "عيال الكلب"، "إرهابيين"، و " بناتية" (شاذين جنسيًا). وصاحت أيضا "يسقط يسقط  عيسى قاسم" (رجل الدين الشيعي البارز الذي يعتبره العديد بأنه المسؤول عن ارتفاع العنف ضد الشرطة). واستجاب من تلقوا جام غضبها بالرقص وإظهار علامة النصر. ورغم أن البعض رأى أعمالها مزعجة للغاية، فقد تلقت أيضا الكثير من الدعم – وهذا مقتطف من  تويترها يوضح ذلك.

هذا المديح ربما ليس مستغربًا عندما يكون هناك الكثير ممن يعتقد أن أولئك الذين يحرقون الإطارات ويقطعون الطرقات يرتكبون أعمال الإرهاب. في الواقع، الحكومة عندما تتحدث عن الانتفاضة، وتوحي  بأن المحتجين إما إرهابيون، أو مشاغبون، أو عملاء للأجانب، أو متدينون حمقى، فإنها تساعد على إضفاء الشرعية في لجوء الناس إلى إنشاء لجان أهلية  - أو على الأقل تُقسي القلوب تجاه العنف الذي تمارسه الدولة. فليس غريبا بأن ما تقوم به الشرطة من وحشية هو شيء قليل، طالما أن هناك من يعتقد أن ضحايا عنف الشرطة يستحقون ذلك تمامًا. وعلاوة على ذلك، في الحقيقة تعطيل الحياة اليومية لكثير من الناس بسبب قطع الطرق وحرق الإطارات يساعد على خلق أرضية في غلو الخطاب الحكومي – وإن كانت العلاقة هشة.

للأسف، وضع الحكومة الاحتجاجات في إطار أعمال الإرهاب الداخلي أو الهمجية يحد من التعاطف الذي يشعر به أولئك الذين تغريهم هكذا دعاية، لأن خطاب الإرهاب يستفز الرغبات الغريزية في الحماية والدفاع. وهذا يخلق الدعم لسياسة عدم التسامح الشرطي، وحتى عدم التسامح في واجبات المواطنة، حيث إن المواطنين الذين يؤيدون الوضع الراهن محميون من قبل الدولة نفسها ويقومون بأنفسهم بالتصدي للمعارضة من خلال الانخراط في أعمال الاقتصاص خارج القانون. أنا، على سبيل المثال، أتساءل ما إذا كان يمكن لمتظاهر ما أن يهتف بوقاحة يسقط يسقط حمد  دون حماية لهويته. أتذكر أنه حكم على أربعة بحرينيين بالسجن لإهانة الملك حمد على تويتر. وأيضا، سجن اثنان من الصبية في الآونة الأخيرة بسبب استهزائهم برجل دين سني وتصوير ذلك. فهل أن هتاف يسقط يسقط عيسى قاسم وتصوير ذلك هو أيضا حدث يستحق عقوبة السجن؟ أشك في ذلك. أقول أنه لا ينبغي سجن شخص بسبب إهانة رجل دين، ولكن هذا ليس بيت القصيد.  فبيت القصيد هو، هل القانون يتعامل مع الحالتين على حد سواء.

الفاكهة المتساقطة

(اليوم) أيضا شريط فيديو يُظهر اثنين من عناصر شرطة مكافحة الشغب وهم يسرقون الفاكهة من شجرة في قرية الدراز. شخصيا أرى أن هذه اللقطة مثيرة للاهتمام للغاية، فمقاطع الفيديو لشرطة مكافحة الشغب عادة ما تظهرهم وهم في زيهم الشرطي العسكري والقمعي. ونادرا ما تراهم يفعلون شيئا مثل تناول الطعام. هذه الأفعال تميل إلى تقويض المظهر المتحجر والقاسي الذي خلقته البزة العسكرية الزرقاء، والخوذة والدرع الواقي. على أي حال، ما يثير الاهتمام بشأنهم وهم يسرقون " الكنار" من شجرة ما هو أنه مؤخرا تم تغريم عامل مهاجر بدينار واحد وقضى وقتا في السجن لفعل الشيء نفسه. حسنا، تقريبا نفس الشيء، فالثمرة التي أخذها كانت قد سقطت في الحقيقة عن الشجرة.  المحكمة تنص على أنه بموجب الشريعة الإسلامية  يجوز لشخص ما تناول الفاكهة المتساقطة، طالما أن الشخص طلب إذنًا من المالك. ورغم أن المحكمة سألت صاحب المزرعة ما إذا كان يفكر في إسقاط التهم، و رفض. فإن مأساة القصة كتبها أنور عبد الرحمن، رئيس تحرير جريدة اخبار الخليج الموالية للحكومة، والذي اشار في افتتاحية ان النزعة الانتقامية لصاحب المزرعة تنبع من " ثقافة المولوتوف" التي غذت الكراهية والوحشية. ومن الواضح أن لوم المتظاهرين في التسبب بمعاناة جميع العمالة الوافدة قد أصبح أحد الأدوات الدعائية المفضلة للنظام.

وما إذا كان سيحدث شيء أم لا لهذين الشرطيين في مكافحة الشغب هو شيء غير مؤكد، فإذا افتقد شخص في الدراز ثمرتين من الفاكهة،  فأقترح عليه التواصل مع وزارة الداخلية. ولا نعرف، ربما تعلن وزارة الداخلية  عن "استجواب " أو "تحقيق" في القضية على حسابها على تويتر.

المؤامرات الخارجية

الأزمة في البحرين تنزع إلى دفع النظام للقيام بردة فعل متوقعة منه – وهو الإعلان عن مؤامرة خارجية.  (اليوم) لم يكن استثناءً، فبعد يومين فقط من الذكرى الثانية لانتفاضة 14 فبراير، أعلنت وزارة الداخلية  أنها ألقت القبض على 8 رجال كانوا جزءا من خلية إرهابية لها ارتباطات بإيران ولبنان والعراق. هذا يأتي تقريبا بعد شهر
من زعم موقع إخباري كويتي بأن السلطات القطرية قد اعترضت قاربا إيرانيا يهرب الأسلحة  إلى البحرين. (وفي وقت لاحق نفت قطر القصة.) وبالمثل، في 21 آذار/مارس 2011، بعد حوالي شهر من اندلاع الاحتجاج الشعبي الواسع النطاق في البحرين، أعلن الملك حمد  أنه تم إحباط مؤامرة خارجية بمساعدة القوات السعودية. وبعد أسبوع  يذكر موقع كويتي للأنباء بأن السلطات القطرية قد اعترضت سفينتين إيرانيتين تحملان أسلحة إلى البحرين. (ومرة أخرى، نفت قطر القصة). وفي 12 تشرين الأول/نوفمبر 2011، قبل أسابيع قليلة من صدور تقرير لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق، أفادت الحكومة بأنها اكتشفت خلية إرهابية أخرى ذات صلة  بإيران. والشيء نفسه حدث قبل يوم من حل الجمعية الوطنية في آب/أغسطس 1975.  حيث ألقي القبض على حوالي 30 شخصًا من حزب جبهة التحرير الوطني والجبهة الشعبية. وبعد فترة وجيزة، نشرت جريدة "المواقف" الأسبوعية مقالًا يدّعي أنه تم اعتراض سفينة محملة بالأسلحة وهي متوجهة إلى البحرين. وأن العديد ممن ألقي القبض عليهم  كانت لديهم أيضًا منشورات جاهزة للتوزيع. والفرق الوحيد بين "المتآمرين" اليوم هو أنهم من "الشيعة"  بدلًا من " الجناح اليساري".

 بالطبع من الصعب أن نعرف متى تقول الحكومة الحقيقة، ولذلك ونظرًا إلى عدم وجود أدلة موثوق بشأن هذه المؤامرات فإنه يبدو أن الكثير منها مجرد هراء يعمل على تعزيز خطاب الحكومة في وجود "بعبع" خارجي ينوي التدخل في سيادة البحرين. فمن دون مثيرين دائمين للذعر ومذكّرين بهذا التهديد، فإنه من الصعب أن نجعل البحرينيين ينقلبون على بعضهم البعض وأن يصفوا بعضهم بذلك المصطلح المشين والمبتذل – "الخونة".

16 شباط/فبراير 2013 



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus