الملكية الدستورية الحقيقية هي المخرج الوحيد لآل خليفة

2013-03-26 - 7:16 ص


إميل نخلة: وكالة أنباء آي بي إس
ترجمة: مرآة البحرين
 
واشنطن، 21  آذار/مارس 2013 ( آي بي إس ) - في الوقت الذي تواصل فيه وسائل الإعلام الدولية والبحرينية  تحليل معنى تعيين ولي العهد سلمان نائبًا أول لرئيس الوزراء، فإن على الفصائل القوية داخل عائلة آل خليفة الحاكمة التفكير مليًا في مستقبل حكمهم.

من المثير للاهتمام أن نلحظ أنه ولا ملكي بارز قد هنأ ولي العهد بتعيينه غير إخوته وأولاده.

"ملكية دستورية" زائفة ترتكزعلى قمع النظام وسياسات الفصل العنصري ضد الأغلبية الشيعية هي صيغة أكيدة لزوال النظام. فالاضطرابات العربية في العامين الماضيين كانت قد أجبرت الأنظمة الاستبدادية القوية للخروج من السلطة. وحكم آل خليفة ليس استثناءً. فنجاتهم يمكن ان تتحقق من خلال ملكية دستورية حقيقية.

ورغم ادعاءات الملك حمد في دستور عام 2002، فإن البحرين ليست ملكية دستورية ولا ديمقراطية. رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة، الذي يشغل هذا المنصب منذ عام 1971، وغيره من كبار أفراد العائلة الحاكمة، بمن فيهم وزراء الديوان الملكي والجيش، قد مارسوا السلطة دون مساءلة.
ولإنقاذ النظام الملكي، على الملك حمد أن يلتزم، قولا وفعلا، ببناء ملكية دستورية ديمقراطية حقيقية. وهذا يتطلب تقاسم السلطة مع الشعب، واحترام الحقوق المدنية، وحرية التعبير، والتجمع، والتواصل، والعبادة بغض النظر عن الانتماء الديني.

وبموجب هذا النظام، فإن تعيين رئيس الوزراء، وأعضاء مجلس الوزراء، وعدد من كبار المسؤولين والقضاة يجب أن يخضع للإقرار من قبل برلمان منتخب شعبيا وبسلطات تشريعية كاملة.

عهد رئيس وزراء كلي السلطة والنفوذ يمارس السلطة السياسية والاقتصادية منذ أربعة عقود يجب أن ينتهي إذا كانت الاسرة الحاكمة تأمل الحفاظ على الحد الأدنى من الشرعية.

الاضطراب في البحرين على مدى العامين الماضيين لم يتبدد على الرغم من سياسات القمع والتعذيب والطائفية. وحشية النظام تركت الأسرة الحاكمة مجردة من الشرعية الداخلية، ومنبوذة دوليًا، وممزقة بالخلافات العائلية التي تناور من أجل السلطة.

وكانت الجهود المبذولة من قبل الملك وابنه قد صُدت من قبل رئيس الوزراء الكامل السلطة وداعميه داخل مجلس العائلة.

وكان البحرينيون قد انقادوا للاعتقاد خلال سنوات "الإصلاح"  في عام 2001 و 2002 بأنهم مصدر السيادة. وكان ميثاق العمل الوطني 2001،  قد نوقش وأُقر علنا من قبل الحاكم. وكانت ثلاثة بيانات رئيسية في الميثاق قد عززت الدعم الشعبي الكبير الذي تلقته في الاستفتاء الوطني.

أولا: "جميع المواطنين متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات، دون تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين، أو المعتقد." ثانيا: "على البحرين أن تكون مملكة دستورية"، وثالثا: " البحرين هي ديمقراطية حيث تناط بالشعب جميع السلطات".

 البحرينيون أيضا كانوا قد وعدوا بهيئة تشريعية يتم انتخابها شعبيا وتناط بها صلاحيات تشريعية كاملة.

 تضمن دستور الـ 2002 وعودًا مماثلة في الديمقراطية والسيادة الشعبية. المادة الأولى من الدستور الجديد، على سبيل المثال، يؤكد الطبيعة الديمقراطية للنظام ويعترف بأن الشعب هو "مصدر كل السلطات".

تحولت "الإصلاحات" الموعودة لتكون مهزلة، وظلت السلطة الحقيقية متخفية في أيدي الحرس القديم المحافظ في الأسرة. وكان رئيس الوزراء، والجيل الصاعد ممن يسمى الخوالد، وداعميهم السعوديين المناهضين للإصلاح وللشيعة، بما في ذلك وزير الداخلية السعودي السابق، قد برزوا كركيزة حقيقية للسلطة في البحرين.
هذا الفصيل القوي أكد أن إصلاحات الملك الموعودة لم تكن لتنفذ. وفقط "الإصلاح" الذي رآه الناس كان تغيير  اسم الحاكم من "أمير" إلى "ملك".

وكانت المظاهرات المطالبة بالإصلاح قد اندلعت بشكل متكرر طوال العقد التالي. واستخدم رئيس الوزراء خليفة وحلفائه الأجهزة الأمنية، التي تتألف بالكامل من السنة، لإسكات المعارضة. وارتكبت انتهاكات حقوق الإنسان الفظيعة ضد المعارضة المسالمة إلى حد كبير، والتي كانت بتشجيع من الربيع العربي.

البحرين، ذاهبة الى أين ؟

ممولة البحرين،المملكة العربية السعودية، وداعمتها القوية جدا، الولايات المتحدة، قد أصبحتا متبرمتين من رفض النظام الاستجابة لمطالب الإصلاح المعقولة للشعب. ومن غير المتصور أن عناد آل خليفة لن يجبر الرياض وواشنطن التخلي عن الأسرة الحاكمة. وإذا حدث ذلك، فإنه سيكون فقط مسألة وقت قبل أن يتم اكتساح نظام الأقلية لآل خليفة.

بعض العناصر القوية داخل النظام لا تزال تؤيد الوهم بأن موقف واشنطن المحتمل المعادي للنظام من شأنه أن يُقيًّد  بوجود الأسطول الخامس في البحرين. ويعتقدون أيضًا أنه يمكنهم الاعتماد على الدعم السعودي بسبب المخاوف السعودية المتصورة من الطائفة الشيعية الجريئة في المملكة العربية السعودية، التي تتركّز في المحافظة الشرقية الغنية بالنفط .

ولكن مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية في الخليج وعلى نطاق أوسع في منطقة الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بإيران وسوريا ليست بالضرورة متشبثة بنظام الأقلية في البحرين والتي تعتبرها الأغلبية غير شرعية.

التزامات قيم حقوق الانسان والحكم الرشيد الذي طالما تغنت به إدارة أوباما  لم يعد يُصدَّق في ظل دعم واشنطن للنظام الوحشي في البحرين. فمصداقية الولايات المتحدة في العالم العربي المسلم يتم اختبارها من خلال استخفافها اللطيف المتصور لما يحدث في البحرين.

وبالمثل، المصالح الإقليمية الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية لا تتطابق بالضرورة مع مصالح البحرين. على الرغم من أن وزير الداخلية السعودي الراحل نايف دعم السياسات المتشددة لرئيس الوزراء البحريني تجاه الشيعة، وابنه محمد، وزير الداخلية الجديد، يميل إلى أن يكون أكثر واقعية وانفتاحًا.

تركيز محمد بن نايف على مكافحة الإرهاب في السنوات الأخيرة ربما أقنعه بأن الوصول إلى الشعب من خلال سياسات "القلوب والعقول" التي تركز على قضايا الرزق هي أكثر إنتاجية من وحشية النظام.

وبالتأكيد تم تنصيبه لاستخدام النفوذ السعودي الهائل لدعم تعيين الملك حمد لابنه كنائب رئيسي لرئيس الوزراء لإجبار رئيس الوزراء على التقاعد والقيام بالإصلاح الحقيقي.  فحالة عدم الاستقرار المستمرة في البحرين لا تخدم مصالح المملكة العربية السعودية أو المنطقة.

* إميل نخلة، هو ضابط سابق بارز في جهاز المخابرات، وهو أستاذ باحث في جامعة ولاية نيو مكسيكو، ومؤلف كتاب "الإشراك  اللازم: إعادة تطوير العلاقات الأميركية مع العالم المسلم والبحرين: التنمية السياسية في المجتمع الحديث".

21 آذار/مارس 2013 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus