رفاق محمد جابر الصباح يستذكرون: رفض باقة ناصر بن حمد.. وناصر ثورة 14 فبراير ومات واقفا

2013-04-08 - 1:35 م


مرآة البحرين (خاص): خلفت وفاة المناضل الوطني والقيادي في "جبهة التحرير الوطني البحرينية" وجمعية "المنبر التقدمي الديمقراطي"، محمد جابر الصباح، صباح اليوم الإثنين عن عمر يناهز 82 عاماً، خلفت فراغاً في الحراك السياسي الذي لم يتوقف في البحرين، حسبما يؤكد عدد من رفاق درب الصباح، الذين عاصروا كفاحه ضد الطائفية والتمييز منذ انتفاضة 1965.

ويقول الكاتب رضي السماك لـ"مرآة البحرين" إن المعارضة الوطنية والديمقراطية افتقدت الصباح، إحدى شخصياتها الكبيرة والذي عرف بمواقفه الشجاعة الصلبة ضد نظام آل خليفة منذ الخمسينيات"، مضيفا "في انتفاضة 1965، كان  الصباح أحد الشخصيات الرئيسة التي ساهمت في قيادة وتنظيم الانتفاضة والمشاركة في فعالياتها".

ويتابع "تعرض الفقيد جابر للاعتقال أكثر من مرة، وهو يعد من أحد رموز حركة القوميين العرب إلى جانب صديقيه المناضلين علي ربيعة وأحمد الشملان"، موضحا أن الثلاثة "هم من أبرز وجوه مدينة المحرق التي عرفت باعتزازها بوطنيتها ومعارضتها الشرسة ضد حكم آل خليفة، قبل أن يستطيع هذا الحكم بمساعدة السعوديين دق إسفين وشرخ في النسيج الوطني لشعب البحرين".

ويردف "كان صباح أحد الذين تصدوا بقوة لمحاولات تشويه وجه المدينة المشرف. وبعد هزيمة يونيو/ حزيران 1967 بسنوات قليلة على إثر تحول معظم رموز وقواعد حوكة القوميين العرب إلى اليسار كردة فعل على فشل القيادة الناصرية في تحقيق النصر والتسبب في تلك الهزيمة الكارثية، تحول المناضل الصباح إلى اليسار البحريني، وانضم إلى "جبهة التحرير الوطني البحرينية"، لافتا إلى أن نجاحه في قائمة "كتلة الشعب" الانتخابية التي قادتها الجبهة، حيث فاز 8 من المرشحين الاثني عشر، أدت إلى بلورة في تحوله التدريجي نحو اليسار".

وبحسب السماك، فإن زملاء الصباح الفائزين لعبوا دورا محوريا مؤثرا للغاية في قيادة المعارضة ومواجهة السلطة وفضح فسادها من داخل برلمان 1973، وكان وبقية أعضاء "كتلة الشعب" من أبرز المعارضين الذين تصدوا لإحباط وإفشال قانون أمن الدولة سئ الصيت عام 1975 مما حمل السلطة على حل البرلمان وفرض القانون بانتزاعها السلطة التشريعية في يدها".

 
وفد الوفاق في زيارة للمرحوم الصباح برفقة البوفلاسة (أرشيف)
ويضيف "في أوائل التسعينات كان الصباح من أبرز رموز العريضتين النخبوية والشعبية، وشارك بفعالية في فعاليات انتفاضة التسعينات، وكان من أبرز المعارضين لدستور 2002 الدي عرف بدستور المنحة وجاء مخالفا لما صوت عليه الشعب بأن يكون البرلمان كامل الصلاحيات تنحصر فيه حق التشريع وحده". لكن "كان الصباح الى جانب "التقدمي" من المؤيدين للمشاركة في الانتخابات والدخول في المجلس الجديد، وعرف طوال العقد الاول من الألفية الجديدة حتى ثورة 14 فبراير/شباط 2011 بمواقفه الصلبة التي لا يحيد عنها".

ويؤكد أحد رفاقه الذي رفض الكشف عن هويته بسبب أنه يدلي بأمور ذات حساسية أن الصباح "بقي خلال فترة ثورة 14 فبراير/ شباط وفيا ومؤيدا بقوة لها، برغم تكالب الأمراض على الصباح وبرغم من محاولات البعض تشويه سمعة هذه الثورة أمامه، مستغلين ضعف سمعه وبصره وملازمته الدائمة وهو في سن الشيخوخة ملازماً البيت أو فراش المرض". ويوضح بأن "نجل الملك ناصر بن حمد آل خليفة حاول أن يرسل اليه في إحدى المرات منذ بضعة شهور قليلة وهو يرقد في مستشفى السلمانية باقة ورد لكنه ورغم مرضه الشديد وحالته الحرجة رفضها بكل شموخ وإباء".

وكبقية شيوخ الحركة الوطنية، يستذكر  "عانى الصباح من الوحدة وعقوق العديد من رفاقه وأصدقائه المقربين، وانفض عن مجلسه الذي كان يحضره رواد كثيرون من مختلف الاتجاهات الوطنية ويتميز بالحوارات المثمرة والنقاشات الساخنة، كما كان مطبخا  للتحضير لاقتراح الفعاليات والمشاريع الكبيرة للتصدي للسلطة، ككتابة العرائض الشعبية، انفض عنه الكثيرون مع تكالب الأمراض عليه، وخاصة في الشهور الاخيرة، وفارق الحياة وهو مقعد بعدما أجريت له عملية لقطع ساقه".

ويلفت إلى أن "الصباح ترك برحيله فراغا كبيرا يصعب تعويضه، في وقت يعاني فيه وطنه وينزف دما وهو في وقت أحوج ما يكون الشعب إلى واحد من أمثاله القلة".

بدوره، يقول الأمين العام لـ"التقدمي" عبدالنبي سلمان لـ"مرآة البحرين" إن الصباح "مناضل من الطراز الاول انضم الى حركات شبابية ثورية قبيل دخوله مناضلا في حركة القوميين العرب وتحول في دروب النضال الوطني عبر مسارات عدة وصولا إلى انضمامه إلى الجبهة". ويتابع "عشق الصباح النضال من أجل المصالح العمالية وعاش بين الفقراء ودخل نائبا في برلمان 73 عضوا في كتلة الشعب وخاض نضالا مع العديد من الإضرابات العمالية في فترة السبعينات".

ويشدد على أن "الصباح كان يتوثب من على فراش المرض كلما زرناه للعودة إلى صفوفنا مناضلا، لا يهزه المرض وكان كثير النصح لنا بالاستمرار والثبات على خط جبهة التحرير، بأن نكون دائما إلى جانب قضايا شعبنا".

 
وزيارة للشيخ علي سلمان (أرشيف)
ويتابع النائب السابق في مجلس النواب والعضو في "التقدمي"  عبدالهادي مرهون لـ"مرآة البحرين" إن الصباح قاد انتفاضات ضد المستعمر ثم بادر بالعرائض النخبوية وبعدها الشعبية، وأسهم في جميع حركات الاحتجاج والمطالبة بالحرية وعودة الديموقراطية، ولم ييأس بل ضعف بدنه وبقيت إرادته".

ويضيف "رحل رمزا وطنيا ولم يتم بعد كلمات حبه لوطنه وشعبه والنخيل والبحر من لسانه"، متوجها إلى الصباح بالقول "لقد ظللت وفيا لنضالك الصلب والعنيد حتى الرمق الأخير. فيا لفجيعة كل أحرار البحرين فيك".

ونعت جمعية "الوفاق" الصباح الذي "رحل وهو يحلم بوطن الكرامة والعزة لأبناء شعب البحرين، فقد ناضل وعانى السجون والظلم والقهر من أجل شعب البحرين، وساهم بالدفاع عن الدستور العقدي الذي وضع في العام 1973 ثم عطل العمل به مع فرض قانون أمن الدولة وحل المجلس الوطني الذي كان عضواً فيه".

وشددت "الوفاق"، في بيان اليوم، على أن "وطن العدالة والحياة الكريمة هو الوطن الذي سعت إليه الشخصيات الوطنية والمطالبين بالتحول للديمقراطية، وكل التاريخ الوطني لشعب البحرين منذ قرن من الزمان يشهد على هذه المطالبات التي استمرت حتى اليوم وهي مستمرة حتى تتحقق مطالب شعب البحرين".  

وأكد المحامي حميد الملا، العضو في "التقدمي"، إن الصباح "ترك لنا إرثا وطنيا خالصا نقيا ستنهل منه أجيال ونخب في كيفية الحفاظ على الوطن، بعيدا عن الطائفية والانتهازية السياسية".

وأضاف الملا على حسابه على "تويتر" أنه "في الوقت الذي تواري لصوص الساسة خلف طوائفهم وظلوا ينبحون والوطن ينزف دما، ظل الصباح مدافعا عن وطن أنهكته عصابات القتل والتدمير".

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus