الاستيديو التحليلي: لم «يَطُلْ» الشعب منها «بلح الشام ولاعنب اليمن»... الفورملا كذبة إبريل الكبرى «2-1»

2013-04-13 - 8:25 ص


مرآة البحرين الرياضية (خاص): البحرين.. هذا الأرخبيل الصغير الذي لاتفارقه الأزمات السياسية والحقوقية، والأمنية التي يصاحبها شعور عميق وحاد من غالبية سكانها بالظلم والتمييز، والحرمان.. من المؤكد أن وجهها الحقيقي ليس ذاك الوجه الذي تعكسه الأجواء الصاخبة لمحركات السيارات وصيحات جماهيرها في فترة سباق الفورملا واحد، وهو الحدث العالمي الذي تستعد البحرين لاحتضانه هذه الأيام للعام الثامن على التوالي منذ انطلاقته الأولى في العام 2004.

ويمكن القول إن هذا السباق الذي يندرج تحت مظلة رياضة السيارات واقتحم الرياضة البحرينية من البوابة الملكية، قد جاء بخلاف المزاج الشعبي لرياضاته المفضلة، لكن ذلك ليس مهماً إذا ماعرفنا أن هذا النوع من الرياضة هي الهواية المفضلة لولي العهد، لذلك لا غرو أن تحظى باهتمام بالغ وخصوصية أبلغ تفوق أي رياضة أخرى.

وحكاية هذه الفورملا قد بدأت بالعام 2002 حين شرعت الدولة بتنفيذ حلم ولي العهد في رؤية هوايته حاضرة على أرض البحرين إلى واقع ملموس، فعلى مساحة واسعة من أنحاء البحرين وتحديداً في منطقة الصخير، نفد المشروع على أرض شاسعة ربما تكفي لإقامة دولة مصغرة أو إمارة منطقية لو أراد الأمير الشاب ذلك.

 
ولقد كانت 485 يوماً كافية للانتهاء من عملية تشييد حلبة السباق، في الفترة ما بين الثامن من شهر نوفمبر للعام 2002 وحتى السابع من مارس 2004، وبتكلفة بلغت قرابة الخمسين مليون دينار بحريني، بجانب الملايين الخمسين الأخرى التي خصصت لتجهيزات الطوابق التسعة بالحلبة وبقية المرافق والأقسام..

ولم يكن غريباً ولا مستغرباً أن تشيد الحلبة التي قام أحد الألمان بتصميمها في فترة زمنية وجيزة ضربت كل المقاييس في سرعة التنفيد.. فمن يملك المال يملك القرار.. حتى وإن كان مالاً مسلوباً لشعب يعاني الفقر والإهمال ، بعد أن سلب منه ماله وقراره معاً، لتفرض عليه رياضة لايعرف عنها شيئا ولاتتماشى مع مزاجه العام ..أما المضحك المبكي في الأمر أن الأرض الذي نفذ عليها مشروع الفورملا قد استأجرتها إدارة المشروع من الدولة بدولارين ونصف سنوياً..أي دينار واحد فقط..ليصبح حالها كحال أرض مرفئ البحرين المالي.. وتعالي أقاسمك الهموم تعالي!! 

في يوم السابع عشر من مارس 2004 حُشر الناس ..وجاء الملك وأبناؤه وبقية العائلة صفاً صفا، مرتدياً بزته العسكرية الزرقاء لفيتتح حلبة الهواية الملكية رسمياً .. كان المنظر كفيلاً أن يرسم في ذهنك أن الحاصل ليس سوى مسرحية هزلية، اقتضى كاتبها أن يكون فيها مشهد عرس عائلي، ومن ثم احتاج المخرج لأكبر عدد من الكومبارس كي يقدمهم على أنهم "المعازيم"، وهو ماينطبق بالضبط على من حضر حفل الافتتاح ذلك اليوم ممن لاينتسب للمك وعائلته أو لايحسب عليهم.

 
وبطبيعة الحال جرياً على العادة الملكية، لم يعترِ ملك البلاد شيء من الخجل ولم يمنعه ورع عن الإدلاء بتصريحات ضرورية في هذه المناسبة السعيدة، فارتجز بمثالياته الإنشائية ليقول: (إن استضافة البحرين للسباق تأتي دعماً لانطلاق المملكة بمشروعها الإصلاحي نحو تشجيع النمو الاقتصادي) والحق يقال إن الملك قدم بكلماته تلك التي تناثرت في اليوم التالي على أوراق الصحف نظرية عالمية حين ربط الرياضة بالسياسة والاقتصاد، فأي بلد تنموي متقدم لايمكنه أن يفصل الرياضة عن السياسة ولا يفصل عنهما الاقتصاد، لكن ولأن كل شيء في البحرين مختلف.. لم تبدأ تطبيق نظرية الملك حمد بربط العناصر الثلاثة إلا في العام 2011 بفضل غرور وطيش ابنه المدلل ناصر، حيث نكل بشريحة عظمى من نجوم ورياضيين على خلفية آرائهم السياسية، في حين أن ربط العنصر الاقتصادي كان بحرمان الرياضيين من أعمالهم.

منطقياً لايمكنك أن تطور الحجر وأنت تهزأ بالبشر..فمن يتحدث عن انتعاشة الاقتصاد، عليه أن يقدم إحصائية توضح أثرها على حياة الأفراد وتنمية المناطق، فالمستفيد الحقيقي معظمهم شيوخ ومتنفدين من أصحاب الفنادق والحانات والنوادي الليلية وشركات التكاسي الخاصة، عدا بعض الفتات الذي يتحصله عليه أصحاب تكاسي الأجرة من مواطني الدخل المحدود..فقد أرغمت غالبية شعب البحرين أن تعيش حدث الفورملا في شهر إبريل من كل عام، ولكن ليس باسم جائز البحرين الكبرى ..بل أكذوبة البحرين الكبرى في شهر الأكاذيب "إبريل".. (للحديث بقية)




التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus