أحمد النهام وأطفال البحرين ينشدون «بلد عيني»: تبين عيني.. لچ عيوني

2013-04-15 - 6:17 ص


تبين عيني.. لچ عيوني.. أنا و كل ما أملك..فدا أرضچ
يا شوق إللي إذا أبعد يناديني..
الراس.. و أهلك من أعز الناس..
يقول أنت بحريني .. يقول أنت بحريني


مرآة البحرين (خاص): بالأمس، تقدم عشرات الأطفال المسيرة التي خرجت من منطقة الدير، وهم يضعون ضمادات على أعينهم ويرفعون صور الطفل أحمد النهام (5 سنوات). مازال (أحمد) في المستشفى في سنغافورة، بعد أن انتزعت عينه اليسرى التي بقيت مخرقة بشظايا الشوزن عاماً كاملاً، أخبر الأطباء عائلته باحتمال تأثيرها على العين السليمة.

لقد اعترف النظام بأن مرتزقته أصابوا الطفل الذي كان يجلس في وداعة مع أبيه يبيعان السمك عندما حدثت المواجهات. لكن النظام لم يتعنّ لأكثر من هذا. لم يعاقب استهتار من توجه برصاصه نحو طفل بريء، ولم نسمع عن أي إجراء اتخد مع الجاني، فيما ترك الطفل يواجه مصير عينه لوحده، وتركت عائلته تتدبر أمورها بنفسها فيما يتعلق بمتابعة علاج طفلها، وكأن النظام ليس هو من أجرم.

عشرات الأطفال حملوا صورة أحمد على فراش المرض، وهو يبكي بلا عين تسعفه على الدموع، وهو المعروف بأنه كتلة صاخبة من الحركة والحيوية والنشاط، لكنه هذه المرة كان رابضاً على فراشه هادئاً على غير عادته، كان   يتلوى من الألم، ودموعه تسيل من عين واحدة فقط. في الصورة بدا وكأنه خائف من فتح عينه الأخرى. كان يطبق عليها بقوة، وكأنه  يخشى أن تخطفها شظية أخرى.

 
ربما لا يعي أحمد تماماً الآن، وهو في هذا العمر الصغير، ماذا يعني أنه صار الآن بعين واحدة فقط وأخرى زجاجية، لكنه حتماً سيعي ذلك أكثر كلما كبر وصار يريد أن يشبع عينيه مما حوله، فلا يستطيع إلا بواحدة. سيتذكر (أحمد) دائما كيف اختطفت منه عينه  اليسرى في عمر براءته، وستكون له روايته الخاصة التي سيعرّف بها رجال الأمن (البواسل): تقصدون من فقؤوا عيني عندما كنت جالساً أبيع السمك مع والدي؟! 

لم يعد أحمد بحاجة لأن يغني الأغنية الوطنية المشهورة التي يحبها الجميع ويرددونها منذ طفولتهم: تبين عيني.. لج عيوني.. أنا وكل ما أملك. فقبل أن   يعرفها أو يفقه كلماتها كانت عينة قد ذهبت للوطن. ذهبت في أعظم حركة مطلبية عاش ملحمتها الشعب البحريني. حين يكبر ويأتي حصاد الانتصار، سيقول أحمد: لقد دفعت عيني ثمناً لحرية شعبي، كم أنا فخور.

يحاكي الأطفال اليوم (أحمد) ويحكون للعالم قصته. ضمدوا أعينهم، وتقدموا المسيرة بلا خوف، ودون أن يغطوا وجوههم، يحملون رسالتهم إلى قرينهم في العمر: «كلنا عينك اليسرى يا أحمد». لكنهم أيضاً يعلمون أنهم غير مستثنين منها، فما أصاب أحمد قد يصيب أيا منهم في أي مكان، فرصاص الشوزن الانشطاري الذي تمعن مرتزقة الداخلية في استخدامه واستهداف أجساد المحتجين به من مسافات قصيرة، هو رصاص لا يرى، ولا يميز بين طفل صغير أو فتى شاب أو رجل كبير أو سيدة.

هكذا صار أطفال هذا البلد، تتفتح أعينهم على صور البطش قبل أن ترى صور الفرح واللعب والبراءة.وصاروا عندما يسمعون أغنية: تبين عيني.. لج عيوني، يعلمون جيداً أنها ليست مجازاً، وليست من نوافل القول، وليست كلاماً يقال.
 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus