جعفر ويوسف وسلمان وأحمد: إخوة الدم والمعتقل

2013-05-05 - 8:21 ص


مرآة البحرين (خاص): جعفر رضي أحمد (26 عاماً)، وسلمان (24 عاماً) وأحمد (22 عاماً) ويوسف (21 عاماً)، أخوة أربعة خلا منهم بيت والدهم في منطقة كرباباد، واحتوشتهم زنازن المعتقل والمحاكمات والأحكام. نعم هكذا دفعة واحدة، أربعة من بيت واحد، لم تعد تلك حالة استثنائية في البحرين، بل صارت شائعة حد الشذوذ، معتقلَين أو ثلاثة من البيت الواحد، وفي هذه الحالة الأكثر شذوذاً: إخوة أربعة.

فيما عدا (جعفر)، فإن الثلاثة الباقين طلاب جامعيون. كان جعفر يعمل في شركة المؤيد، قبل أن يتم فصله لاحقاً. أما (سلمان) الطالب الشديد التفوق ذو الحضور اللامع، فهو يدرس الدبلوما العليا الوطنية في الهندسة وتبقّى عليه فصل دراسي واحد ليتخرج، وكان متوقعاً أن يتم اختياره كمعيد في المعهد، لكن اختيار القمع سبق اختيار التميّز، ولنقل هدمه تماماً.

الأخ الثالث (أحمد)، طالته ثلاث اعتقالات، وما يزال معتقلاً. أما الرابع (يوسف)، فقد طالته أربعة اعتقالات، وما يزال فيها أيضاً. هذا الأخير هو صاحب القصة الأكثر ألماً بين إخوته. فهو من انتشر  بين الناس خبر اعتقاله من مستشفى الشفاء.

تم اعتقال يوسف في المرة الأولى قبل انتفاضة 24 فبراير في العام 2010، أفرجوا عنه لاحقاً. ثم في الضربة الأمنية في شهر أغسطس المصادف لشهر رمضان  في 2010، قبل أن يُخلى سبيله في فبراير 2011 ضمن السجناء السياسيين، تم استقبالهم في دوار اللؤلوة.

مع فرض قانون الطوارئ في مارس 2011، اعتقل يوسف لمدة ثلاثة أيام، كانت الأسوأ إطلاقا من بين الاعتقالات السابقة، فكما يروي أهله ل(مرآة البحرين) فإن يوسف قد تم تعذيبه بقسوة متناهية، تركت عليه آثاراً مدمرة، إذ تم الهجوم عليه فيما هو نائم وتمّ ضربه بكل وحشية، سببت له صدمة نفسية عنيفة، تطورت إلى أعراض، قيل إنها ناتجة عن جرثومة أصابته في السجن، ظل بعدها لمدة ثلاثة أشهر صائما يشرب العصير فقط، تحسن لفترة بسيطة، ولم يلبث أن أصابته (الحصى) بعد ذلك، ثم صار مطلوباً، وفي إحدى مشاركاته أصابته طلقة شوزن في عينه اليمنى، وصار لا يستطيع النظر من خلالها إلا بشكل ضعيف.

الخوف من جيوش العساكر التي تحتل مجمع السلمانية الطبي، منع أخذه للعلاج هناك. لهذا تطورت إصابته، وصار يشكو من دوار في الرأس. اجتمعت عليه الأوجاع والآلام والعوارض الجانبية للأدوية، الصدمة النفسية التي لم يتعافَ منها: الاكتئاب، وعين لا يرى منها، ومعدة متعبة، ودوار في الرأس، والحصى. تقول إحدى قريباته "تخيلوا كل هذا في شاب عمره 21 عاما، دائما تصيبه الحمى بين كل عدة أيام. ونفسيته تضررت بعد اعتقال أخوته الثلاثة، وتمّ الحكم على الثلاثة بالسجن لمدة عامين، وكانت ضد يوسف قضية واحدة تتم محاكمته عليها غيابياً".

والد هؤلاء الأخوة الأربعة متقاعد، ووالدتهم ربة بيت، منزل هذه العائلة في حالة جيدة، لكن قبل بناء البيت كانت العائلة تسكن في شقة بمنطقة كرانة، تمت مداهمتها مراراً، حتى باب الشقة أصبحت به حفرة لكثرة المداهمات الوحشية، أما المنزل في (كرباباد) الذي سكنته العائلة منذ خمسة أشهر، فقد حصد ما لا يقل عن 23 مداهمة خلال هذه الأشهر القلية الماضية. مداهمات جعلت المنزل خاليًا إلا من أب وأم ينظران حسرة إلى بيت خالٍ من الأبناء. حياة هذين الوالدين صارت: زيارات للسجون، تفتيش مهين قبل الزيارات، تفكير في وضع مجهول.

الأخوة الثلاثة جعفر وأحمد يوسف كانوا مطلوبين في 2010، حينها تم اعتقال الابن المتفوق سلمان لمدة ساعات ليدلّهم على أخوته، ساعات فقط، لكنها كانت كافية للجلادين ليعيدوه وقد تغيرت ملامحه لفرط الضرب والتعذيب، أعادوه مع كسر في يده، وإصابة اليد الأخرى بفسخ في العظم. 

بعد الإفراج عنه ذهب أخوه الأكبر لزيارته في مستشفى السلمانية، لم يتعرف عليه لشدة تغير ملامحه، واستخدام الكهرباء بقوة على جسده. واستخدام السكين في جرح يده بعدة جروح، واطفأوا سيجارة في أذنه، وصار أثر الحرق واضحا على جسده، اعتقلوه ثلاثة أشهر أو أكثر قليلاً ثم تمّ الإفراج عنه، لم يحصل الأهل على زيارة له إلا بعد فترة من علاجه.

تضررت العائلة بشكل كبير لغياب أبنائها الأربعة. ما يزال يوسف تحديداً يعاني أكثر من باقي إخوته في المعتقل، اتصل قبل أسابيع يطلب أدويته وثيابا له، هو الآن في سجن الحوض الجاف.

اثنان من الأخوة في الحوض الجاف، واثنان في سجن جو المركزي، ووالدان يعدّان الأيام للزيارة التالية!


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus