الأربعة المحكومون بتهمة التستر على الشيخ المقداد: الحكم على قدر العلاقة

2013-05-08 - 6:28 ص

 

ليلة الاعتقال:1 ابريل 2011 

مرآة البحرين (خاص): كان ذلك قبل عامين، فجر 1 ابريل 2011 ، تمت محاصرة قرية "مقابة" بالكامل، بعد وصول إخبارية تقول إن الشيخ محمد حبيب الصفاف الملقب ب "المقداد" مختبئ في أحد بيوت القرية.

منذ الواحدة فجرًا بدأ الهجوم بشكل دراماتيكي على 17 منزلا مشتبه بهم. مروحية تحلق على ارتفاع منخفض، اقتحامات تثير الرعب، وجوه مقنعة تستر بشاعتها التي تعبث بمقدرات الناس، أملاكهم، أحلامهم وأعمارهم.

لحظات ويمتلئ بيت الشاب سعيد إبراهيم حسن شبيب (32 عاما) المكون من عدة شقق بالمرتزقة والمخابرات والمدنيين، يمارسون سطوة الضرب على سعيد وأخوته أمام أبويهما، خصوصا أن الشيخ المقداد، الذي يبحثون عنه طوال أسبوعين كاملين وجدوه هناك.

أنابيب التسليك (الأهواز المستخدمة للتسليك)، الأواني الفخارية، العصي، كل ما وصلت اليه أيديهم، ستتذوقه أجساد المطلوبين الطرية. سيوغلون في تصفية حسابهم مع المقداد وإذلاله بنزع سترته وسحبه عاريا من المنزل وهم يصرخون الله أكبر الله أكبر! لم ينسوا السطو على محل (برادة) أبو سعيد وتهديده بقولهم: عطنا مفتاح البرًادة وإلا بنفصخك ثيابك. لم ينقص "المهمة الشريفة" غير شرف الأكل الحرام والسرقة. انطلقوا بطرائدهم. 

على الجانب القريب، لم يكن بيت أحمد مهدي سلمان قادرا على استضافة أحد، غير أن الانتشار الأمني للعساكر في الشوارع وقتها اضطر صديق ابنه فاضل مشيمع (20 عامًا) للمبيت في غرفة الجلوس، حين تمت مداهمة المنزل اعتقل هو الآخر، ذلك أن لقب "مشيمع" كان كافيا. أخذوه مع صاحب المنزل، السجين السياسي السابق الذي أخذت انتفاضة التسعينيات سبع سنوات من شبابه، ثم عادوا ليدخروها له وهو في ال 50 من العمر، فالنظام لا ينسى ضحاياه حين تزوره العواصف. 

أما منزل السيد باقر حسين (49 عامًا)، القريب من المقداد، فقد تمت مداهمته، واعتقاله هو الآخر. بلغت حصيلة المعتقلين من القرية في تلك الليلة 4 إضافة إلى المقداد. 

لم يكفهم ذلك، البيوت التي تمت مداهمتها، أخرجوا رجالاتها صغاراً وكباراً وألقوا بهم وسط القرية ووجوههم قبالة الحائط. نالوا حصتهم من الضرب والشتم التي يتقنها جيدًا الجندي ذو اللهجة السعودية. مع ارتفاع صوت الأذان تركوهم يعودون لبيوتهم، وقبل رحيلهم وزعوا الشقاء على عتبات القرية وتركوا يقينا ثقيلا للأهالي بأن الأحبة الأربعة مع المقداد في رحلة للجحيم. انقطعت أخبارهم، فلا مركز شرطة يطفئ وجع السؤال، ولا أجواء تنبئ بخير. 

التستر الباطل..

في محكمة السلامة الوطنية بتاريخ 8 يونيو 2011، ودون وجود محام، مثل كل من المعتقل سعيد إبراهيم حسن جاسم شبيب (32 سنة)، والسيد باقر محمد هاشم حسين (49 سنة)، وأحمد مهدي سلمان (50 سنة) وعلى فاضل عباس عبد الله مشيمع ( 20 سنة) أمام القاضي بتهمة التستر على الشيخ محمد حبيب المقداد! استمرت الجلسات لأكثر من ثلاثة أشهر أخرى حتى صدر الحكم بتاريخ 25 سبتمبر 2011 بسجن كل منهم لمدة ثلاث سنوات.

قدم المحامون دفوعهم المبنية على أن القانون الجنائي ينص بأنه ما لم يصدر حكمًا قضائيًا بالقبض على المتهم لا يعتبر تسترًا. حينها لم يكن الشيخ المقداد متهمًا بارتكاب أية جريمة، ولم يصدر حكمًا قضائيًا بالقبض عليه، إضافة إلى أن الإعلام المقروء أو المسموع لم ينشر في إعلامه الرسمي طلب القبض عليه أو كونه مطلوباً، وبالتالي فإن الصاق تهمة (التستر على المقداد)، هي تهمة باطلة، وبالتالي يتحتم براءتهم من التهم المنسوبة إليهم.

تمييع الاستئناف والتمييز..

حُولت القضايا من محكمة السلامة الوطنية إلى المحاكم المدنية للنظر فيها، وبعد ثلاث جلسات تم تأييد الأحكام في جلسة الاستئناف بتاريخ 23/4/ 2012 أي بعد سنة من الاعتقال، فيما عدا فاضل مشيمع حيث قضت المحكمة بحبسه سنة واحدة وأطلق سراحه لانقضاء المدة. 

محكمة التمييز هي المحطة الأخيرة بعد مرحلة الاستئناف والتي امتدت قرابة العام، الأهالي على أمل البراءة من التهمة الباطلة من الأساس. لكن محكمة التمييز التي عقدت بتاريخ 25 مارس 2013 -أي بعد سنة أخرى- رفضت وقف تنفيذ الحكم. 

لم ييأس الأهالي، فتم تقديم الطعن بالحكم، وفي العادة يتم تسلم الموعد في نفس اليوم مباشرة من محكمة التمييز، إلا أن موعد الطعن بالحكم لم يُحدد حتى الآن، وسط استغراب وتساؤل كبير عن جمود هذه القضية رغم تحرك أغلب القضايا التي تفوقها حكماً سواء في تقليل مدة الحكم في الاستئناف، أو إعطاء موعد تمييز لا يتجاوز شهور من تقديم الطلب، أو تأجيل التمييز مع إعطاء الموعد للجلسة القادمة في نفس الجلسة، على خلافهم تماماً!!

لم تنته المحاكمة بعد، ولم تنته ومضات التعذيب بعد، ولم تنته أمراض المعتقلين الذين هم بحاجة للعلاج، لكن القضية منتهية بالنسبة للقضاء، على الأرجح لارتباطها بالشيخ المقداد، الأكثر استهدافاً بين جميع القيادات السياسية التي تمت محاكمتها.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus