سلمان يستعرض قصص التعذيب التي لا تنتهي من التاريخ البحريني: عقلية الشيخ «حامل العصا» هي ذاتها منذ العشرينات، ولا بد أن يحاكموا!

2013-05-10 - 2:40 م

مرآة البحرين: قال أمين عام جمعية الوفاق المعارضة، الشيخ علي سلمان، إن قصص التعذيب لا تنتهي من التاريخ البحريني، مؤكدا أن عقلية الشيخ "حامل العصا" في العشرينات، بقيت ذاتها بعد "ميثاق العمل الوطني"، وبعد تقرير بسيوني وتوصيات جنيف.

وأضاف سلمان، خلال خطبة الجمعة اليوم في جامع الصادق بـ"القفول"، أن التعذيب لازال مستمرا حتى اليوم، وأن الشكاوى في الشهر الأخير بلغت 59 شكوى بالتعرض للتعذيب من قبل معتقلين، مؤكدا أنه لابد من مقاضاة من قام بالتعذيب ومن أمر به. وذكر سلمان أن فكرة زيارة مقرر التعذيب التابع للأمم المتحدة تولدت منذ تسعينيات القرن الماضي، لكن السلطة ظلت تماطل وتضع العراقيل لزيارته، رغم إعلانها رسميا السماح بها مطلع العام الجاري.

وأشار سلمان في بداية حديثه إلى أن تدوين قصص التعذيب في تاريخ البحرين بدأ منذ العشرينات، عبر "وثائق المعتمد البريطاني" التي كان يبعثها كتقارير إلى الخارجية البريطانية، حيث سجلت هذه الوثائق الانتهاكات التي كان يرتكبها "الشيوخ" وتابعيهم بحق المواطنين البحرينيين وما يتعرضون له من تعذيب من قبل هؤلاء.

ولفت سلمان إلى أن تاريخ "السبعينات" في البحرين شهد سقوط شهداء من الحركة اليسارية تحت التعذيب، مثل الشهيدين "سعيد العويناتي" و"هاشم العلوي"، مشيرا إلى أن بعض كبار الكتاب والمحامين اليوم هم من ضحايا هذه المرحلة.

وحول عقد "الثمانينات"، تحدث سلمان عن استشهاد "جميل العلي" الذي بدا على جسده آثاره التعذيب بأدوات وحشية، منتقلا إلى شهداء انتفاضة التسعينات بدءا من الشاب "سعيد الإسكافي" (17 عاما)، والذي استشهد بعد أقل من 48 ساعة من تسليم نفسه، ومن ثم الشهيد السيد علي أمين من كرباباد، والشهيد نوح من النعيم، وغيرهم.

وقال سلمان إن النظام اضطر خلال التسعينات، وبعد ضغوط من المنظمات الحقوقية، إلى التوقيع على اتفاقية مناهضة التعذيب عام 1995 مع التحفظ على بعض المواد التي تسمح لضحايا التعذيب بالشكوى بالخارج والتي تسمح للأمم المتحدة بالرقابة، ثم رفع التحفظ بعد بيان شديد اللهجة من الاتحاد الأوروبي.

وقال سلمان إن عقلية "حامل العصا" في العشرينات، بقيت ذاتها بعد "ميثاق العمل الوطني"، مشيرا إلى أنها ظهرت إلى العلن مجددا في عام 2007 عندما اعتقل بعض الأشخاص على قضايا هامشية من مثل تأسيس موقع إلكتروني، ولفت سلمان إلى تقرير منظمة "هيومان رايتس ووتش" الصادر في 2007 تحت عنوان "عودة التعذيب في البحرين" والذي رصدت فيه شهادات من تعرضوا للتعذيب من بعد العام 2000.

واعتبر سلمان أن عقلية الاستهتار متغلغلة ومتأصلة في عقيدة الأجهزة الأمنية، حتى بلغت تعرض بعض المتهمين في قضايا جنائية لعمليات تعذيب، ومر سلمان على حادثة الاعتصام في "مطار البحرين" بعد احتجاز رجل الدين الشيخ "محمد سند"، وقيام قوات الأمن بتعذيب الشباب الذين اعتقلوا من هناك، وقال إنه لم يصدق حينها هذه الأنباء إلا بعد التقائه بهم.

واستعرض سلمان أيضا التعذيب الذي تعرض له المعتقلون في قضية "الحجيرة" 2009، مذكرا بالفيديو الذي يظهر فيه رجل الدين الشيخ محمد حبيب المقداد وهو يكشف عن بطنه وقد بدا عليه آثار الصعق بالكهرباء.

وأفاد سلمان أنه في تلك الفترة أجرى بعض اللقاءات مع كبار المسؤولين بالدولة وأطلعهم على هذه المجريات، مؤكدا أنه "لا يوجد أحدٌ في الدولة لا يعلم بذلك".

وأشار إلى أنه منذ ذلك الوقت برزت ظاهرة أخرى وهي التعرض للتعذيب في مناطق نائية بعد الاختطاف من قبل مدنيين كما حدث للشاب "موسى عبد علي" من العكر وغيره، وقال إن هذه الظاهرة أصبحت منتشرة بعد تقرير بسيوني ولازالت مستمرة.

وفي حديث مفصل، استعرض سلمان تاريخ التعذيب في البحرين بعد انطلاق ثورة 14 فبراير، وبدء حملات القمع منتصف مارس/آذار 2011، وقال إن جثث الشهداء بدأت تخرج من المعتقل بعد وقت قصير، كالشهيد حسن جاسم، والشهيد عبدالكريم فخراوي، والشهيد زكريا العشيري وغيرهم.

وذكر سلمان أن شكاوى التعذيب من المعتقلات كانت تتوالى في حين كان موقف الحكومة هو التكذيب على عادتها في تكذيب مختلف تقارير المنظمات الدولية "حتى جاء السيد بسيوني وأجرى تحقيقا لمدة أشهر محدودة والتقى بالضحايا فترة محدودة وسجل عددا من شهادات التعذيب والناس حينها كانت مترددة في الإدلاء بشهاداتها لأنها تستشعر أن لا نتيجة من ذلك".

وأشار سلمان إلى أن بسيوني استقدم لجنة طبية للتحقق من دعاوى التعذيب، وأن اللجنة أفضت إلى أن ممارسة التعذيب كانت طريقة ممنهجة في سجون البحرين، ليخلص التقرير إلى مقتل 5 أشخاص تحت التعذيب، وتوثيق 60 حالة بالتفصيل في مرفقات التقرير. وقال سلمان إن الوفاق في نفس الفترة فتحت توثيقا للتعذيب وسجلت أكثر من 1000 حالة تعذيب.

واعتبر سلمان شهادة بسيوني مسكتة للجميع من أمريكيين وبريطانيين وحكومة ومسؤولين بالدولة ممن ادعوا أن لاوجود للتعذيب في البحرين، وقال إن هناك شهادة أكبر من لجنة بسيوني بمليون مرة "نشهدها بأعيننا نحن من تعذب، الآلاف منا تعذبوا ولهذه الآلاف أب، أخ، أخت شهدوا قصصهم، أي كل الشعب البحريني شهد هذا التعذيب".

وأضاف "بعد كل هذه التقارير والبيانات وبعد كل الكلام مما سبق لازال التعذيب مستمر وقد زادت الشكاوى في الشهر الأخير من المعتقلين حتى بلغت 59 شكوى، مثل شكوى زوجة المعتقل طالب علي وشباب قضية 5 طن وغيرهت من القضايا، كما ذكر الحقوقي محمد المسقطي تفاصيل تعذيب المعتقل ناجي فتيل قبل أيام.

وذكر سلمان أن فكرة زيارة مقرر التعذيب التابع للأمم المتحدة تولدت منذ تسعينيات القرن الماضي، لكن السلطة كانت تماطل وتضع العراقيل لزيارته، حتى في فترة ما بعد الميثاق، مستغربا من استمرار هذه المنع حتى بعد تقرير بسيوني وصدور توصيات جنيف التي اضطرت السلطات إلى قبولها.

وقال إن السلطات وافقت مطلع العام 2013، بعد توصيات جنيف وتحت ضغط المجتمع الدولي، السماح لمقرر التعذيب بزيارة البحرين "وكم قالوا وكم كذبوا، وعندما حان موعد زيارته عطلوها ورفضوا زيارته لأنهم يخافون أن تكون زيارته أسوأ من تقرير السيد بسيوني".

وأشارسلمان إلى أن قضايا التعذيب لا تسقط بالتقادم، وأن من عذب في التسعينات له الحق أن يقدم شكوى لدى المقرر، مؤكدا أنه يجب محاكمة من قام بالتعذيب بالبحرين. ومشيرا إلى أن المجتمع الدولي قال إنه لابد من محاكمة كبار المسؤولين عن الانتهاكات التي حدثت بالبحرين.

واعتبر سلمان أن دلالة إعاقة المقرر الخاص بالتعذيب من زيارة البحرين "هو الخوف من أمور مخفية لدى السلطة وما المخفي سوى التعذيب، والعالم بأجمعه قرأ ذلك" وقال إن هذا لا يعني أن نتنازل عن زيارة المقرر الخاص بالتعذيب، مناشدا الأمم المتحدة لأن تبعث مقرر خاصا للحريات وتكوين الجمعيات والتجمعات السلمية حتى يقيم وضع البحرين في ذلك أيضا.

وأشار سلمان إلى أن النظام لا زال يرفض التوقيع على اتفاقية المحكمة الجنائية والتي تسمح بنقل القضايا لمحاكم دولية عادلة بعيدا عن إجراءات المحاكم المحلية الشكلية، مؤكدا أنه من أجل أن تكون هناك "مصالحة" فلابد من مقاضاة من قام بالتعذيب ومن أمر به. 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus