مجرمو الحرب الطّائفيّة، وزير العدل وريث بذرة الشر: حيثُ لا مكان إلاّ للانتقام الطائفي

2013-05-13 - 6:01 ص

مرآة البحرين (خاص): ثمّة حاجة للبدء في كتابة وثائقي بعنوان "سلسلة مجرمي الحرب الطّائفيّة في البحرين"، لتكون سجّلاً يحفظ للذاكرة أفظعَ الصّور التي تعاقبت على البلاد، منذ أنْ قام للحكم قائمة فيها، ويُفترض أن يتعاضد الجميعُ في هذا التّوثيق الذي يوفّر للأجيال التعرّف على أدّق تفاصيل "جرائم الهويّة" التي وصلت أوجهها بعد اجتياح قوّات درع الجزيرة للبحرين، في منتصف مارس 2011م، حيث بدأت آلة الانتقام الطّائفي، وأسفرت الوجوه عن أسوأ ما فيها من بثور القرون المظلمة. 

بروفايل التّطهير الطّائفي

وزير العدل في حكومة خليفة بن سلمان يعرفُ تماماً أنّ المهمّة "الكبرى" المُناط بها، تتطلّب قدراً أكبر من القذارة. لقد تفانى، وكأنّه مُوْكَلٌ من السّماء، في تنفيذ المُخطّط الشّهير في البحرين، والمعروف بخليّة "البندر". وزير العدل، يُهمّه أنْ يظهرَ "أنيقاً" وهو يُمارسُ القذارة الطّائفيّة. صحيحٌ هو منْ تدخّل في إحدى جلسات "حوار التّوافق"، قبل عام، ليفضّ بشاعةً طائفيّةً كان قد تفوّه بها النّائب جاسم السّعيدي، وذكّرنا يومها وزيرُ العدل بالإمام الشّافعي وبيته الشّهير في إعلاء شأن "الرّافضيّة"، إنْ كانت تعني حبّ آل محمّد. ظهرَ الوزير "المحنّك" وقتها، وكأنّه بمعزل عن سياق التّطهير الطّائفي، أو كأنّه كان في طوْرٍ هُلاميّ يُجرّبُ فيه دوراً لا يليق به.  

ولم يكفّ هذا الوزير المتشاطر عن إبراز الخفّة، الممزوجة بشيءٍ كبير من الوقاحة. لا يستطيع الوزير - الذي طالبَ الشيخ عيسى قاسم ب"تقوى الله" – أن يُتقن دوره، ولحُسن الحظ. ليس من البساطة أن يقوم منْ تعوزه الفطنة وحُسن السّريرة؛ بمهام التّنظير، واقتراح المبادرات، والبروز أمام النّاس بدورٍ قياديّ يخطف الأنظار. قد يكون هذا الوزير مضطراً لإدارة حوار "الضّرورة"، ولكنه – هذا الوزير – غير مؤهّل لأنْ يكون الرّجل/ الضّرورة. جزءٌ من مفاتيح وزير العدل يتّصل بأنّه متشرّب بالعمل المزدوج: يُدير حرباً طائفيّة، وحواراً وطنيّاً في آن. حين يتداخل هذا الازدواج في المرء، فإنّه مُعرَّض لأمرين، إمّا الشّعور بالبلاهة المفرطة، أو إشعار الآخرين باكتمال العظمة. وفي كلا الحالتين، يتورّط المرء في صياغة الكذب، ونشْر الأوهام، وإشاعة الخزعبلات. ولقد تأبّط وزير العدل هذه المنصّة طويلاً، ليس ابتداءاً من مشاركته الوزيرة البلوشي في الأكذوبة الأشهر المتعلّقة بالكادر الطّبي واحتلال مستشفى السّلمانيّة. يومها، كان الوزير في أقصى حدود الانتشاء بالكذب، وكأنّه أراد القول بأنّه آن أوان حصاد التّطهير الطّائفي.   

السُّلَّم السّريع للقذارة الطائفيّة

ينبغي تذكير وزير العدل بسجلّه الحافل بأسوأ التّصريحات، والمواقف المشحونة بالطّائفيّة والاحتيال السّياسي. وهو كان يُمارس ذلك بطبيعته، حيث تدرّج على هذه المواصفات، واشتدّ عوده فيها. كانت تلك شروط الانتساب للدّائرة المغلقة الموكلة بأعمال القذارة الطائفيّة، والشّيخ خالد كان حريصاً – منذ الصّغر – على أن يكون له شأن عظيم في ذلك.

الشّيخ خالد، متحدّر من أمّ مصريّة، وهو وسامٌ لا يعني له شيئاً بسبب (chauvinism) شوفينته القبائلية، بدل أن يحول هذا الانتماء إلى مصدر إغناء في شخصيته، اعتبره سبة وتعييرا، ويكشف ذلك حجم عقدة النقص التي يعاني منها وسط ثقافته العائلية القبائلية القائمة على الفخر بالنسب الصافي، من المعروف أن النقص في الشخص، حين يمسك  سلطة يتحول إلى بطش.  

لم يتولّ أيّ منصبٍ إداري، رغم انتمائه للعائلة الحاكمة. كان يشغل وظيفة "باحث قانوني" في وزارة الشؤون الإسلاميّة. في لحظة فارقة، دفعه الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة – الذي تولّى رعايته مذ كان صغيراً – إلى اليد القاذورة: الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، والمعروف بأنّه الزّعيم التنفيذي لخليّة "البنذر"، والذي استطاع من خلال منصبه وزيراً للدّيوان الملكي أنْ يوسّع من عمليات التّطهير الطّائفي، وبنحوٍ غير مسبوق. تعلّم وزير العدل في بيئة الدّيوان الملكي ووزيره الضّليع في المؤامرات، ومنه توفّرت الفرص الأولى للتمرّس على نشْر الكراهيات المذهبيّة، حيث قدّمه للذراع الأخرى الملوّثة: أحمد عطية الله آل خليفة، واشترك مع الأخير في الإشراف على تنفيذ التّنظيم البندري.

الوصول إلى الوزارة: هندسة القذارة

في 12 ديسمبر 2006م، صدرَ المرسوم الملكي بتعيين خالد بن علي آل خليفة وزيراً لوزارة العدل والشؤون الإسلاميّة، خلفاً للوزير "الشّيعي" محمّد علي السّتري. برز وزير العدل في هذه المرحلة. حيث كشفَ للحكم عن قدرته "اللافتة" في إدارة ملف الجمعيّات السّياسيّة وتقويضها، والإحاطة بالشّؤون الدّينيّة المتعلّقة بالطّائفة الشّيعيّة، وبين ذلك وذاك؛ تولّى تقطيع آفاق العمل السّياسي، وخلقَ التوترات المذهبيّة، وبالاستعانة بإلمامه الجيّد بالقوانين والمخارج التنظيمية الشّكليّة، وهو ما جعله يحتلّ موقعاً متقدّماً في هندسة حملات التّطهير الطّائفي، وتضييق الخناق على أتباع الطّائفة الشّيعيّة، وفي كلّ المجالات التي يمكن أن الوصول إليها.

"لا للبحارنة" في وزارة العدل

داخل وزارة العدل، وابتداءً من العام 2004م؛ ابتدأ الشّيخ خالد برنامجه المنوَّع في التطهير الطّائفي. وحين تسلم كرسى الوزارة؛ شرعَ في توسيع البرنامج الطّائفي، وبشعارٍ أسود فحواه: (لا لأي بحراني "شيعي" في وزارة العدل). إنّه شعار "الإلغاء" والتطهير الذي لازم وحوش الطائفيّة على امتداد التّاريخ. وفي الخلفيّات، يعود احتفاء الوزير بهذا الشّعار إلى ما قبل استلامه الوزارة، حيث كان – أساساً – مُستغِرقاً في بيئة ممنهجة على التّطهير الطّائفي، والتي أفرزت الزّبد الطّائفي على مدى العامين الماضيين. منصب "الباحث القانوني" الذي شغله الوزير سابقاً، هو عنوان للحصار الطّائفي الذي يُلاحِق العاملين في وزارة العدل من الطائفة الشّيعيّة، حيث يُحرّمون من المناصب الإداريّة العليا، واقتصار توظيفهم على المناصب الدُّنيا، ووضع العراقيل أمام ترقيتهم. ففي وقتٍ سابق من هذا العام (2013م)، تمّ تعيين 15 باحثاً قانونيّاً، لم يكن من بينهم "شيعي" واحد. وسابقاً، كان هناك شيعي وحيد يشغل منصباً متقدّماً طوال عشرين عاماً، ولكن تمّت تنحيته بقرار من وزير العدل، وإرجاعه موظّفاً عاديّاً، وتعيين أحد تلامذته مكانه، رغم وجود من هو أكفأ، ولكن "الانتماء المذهبي" له مفعوله المؤثر في وزارة "العدل"، فهناك ملف معروف داخل الوزارة بشأن مسؤول كبير لا يحمل إلا "الشهادة الإعداديّة"، ينتمي لعائلة "النّعار"، وقد أسعفه على هذه الترقية انتماؤه للطائفة السّنيّة الكريمة، وهو انتماءٌ يُريد صُنّاع "الاحتراب المذهبي" تحويله إلى "مُكوَّن عِنادي" ضد أتباع الطائفة الأخرى، وذلك من خلال إجراء لعبة "التقديم والتأخير" بناءاً على الطائفة.   

قضية الوكلاء: أولى معارك الطائفيّة

بدأ الوزير أولى معاركه في التطهير الطائفي في  القضية المتعلقة بتعيينات وكلاء النيابة في  أبريل 2004م، حيث تمّ تعيين 15 وكيلاً للنيابة العامة من خلال مسابقة عامة لاختيار أعضاء السّلطة القضائية، وقد تقدّم لشغل هذه المناصب 40 شخصاً، تمّ اختيار 15 منهم لشغل مناصب وكلاء في النيابة العامة. المسابقة التي فُتحت لمنْ تنطبق عليهم شروط التوظيف في السلك القضائي؛ كانت نتيجة أولية لمشروع إصلاح القضاء بالتّعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تمّ العمل على إعادة ترتيب السلطة القضائية بما يؤدي إلى استقلالها، وهي مُحصّلة سيرفضها الوكيل والوزير ورؤس النظام جملةً وتفصيلاً.
   

في هذه القضية، لمع نجم خالد بن علي – وكيل وزارة العدل في حينه – ولعب دوراً كبيراً في "تمييع" الخطوات المُعلنة لإصلاح السّلطة القضائيّة، وعمِل بشكل فاعل لإعادة ترميمها بما يتوافق والاحتكار التّام لها من قِبل الأسرة الحاكمة. في قضية الوكلاء، وقّع الوزير على قرارات التّعيين، ولكن الأسماء المرفوعة كانت برعاية مباشرةٍ من وكيل الوزارة الشيخ خالد، والذي كان مُشرفاً على نتائج المسابقة المطروحة، وقد لجأ إلى تمرير حالات غير مستوفية للشّروط المعلن عنها في المسابقة، وثبّت أسماءً لم تجتز الامتحان التّحريري والشّفوي (عددهم واحد)، كما عيّن حاصلين على تقدير "مقبول" في شهادة البكالوريوس (وعددهم تسعة)، وهو ما دفع المُستبعدين من الوظيفة للشكاية بعدم قانونيّة التّعيينات، وقد أثارت الصّحافة المحلّيّة هذه القضية، وحاول خالد بن علي التغطية على الفضيحة بالطّعن في شخوص منْ رفعوا الشّكوى، وأغلبهم من الشّيعه، وأصدر بياناً "فارغاً" احتوى على التلاعب اللّفظي، وممّا جاء فيه: "أن وزارة العدل قامت باتّباع مبدأ الفصل بين آلية الاختيار، وقرار التعيين.."، وهي مُناورة مكشوفة، لاسيما وأنّ الذين تمّ استبعادهم من الوظيفة؛ من ذوي الكفاءة، ومارسوا المهنة لسنواتٍ طويلة، وبينهم حاصل على تقدير جيد جداً في شهادة البكالوريوس، وبعضهم حاصل على شهادة الماجستير في القانون. 

التوغل الطائفي وملاحقة الموتى

طائفية وزير العدل لم تقف عند حدود الأحياء، وجغرافيا السّلطة الماديّة، فالطائفية لا تعرف مثل هذه الحدود، لأنها ترغب في رسم حدود جديدة، وسلطةٍ جديدة، لذلك فهي تُلاحق الموتى أيضاً، وتعبث في ذاكرة التاريخ من أجل القضاء على كلّ منبر يقاومها ويصدّ عبثها وأغلاطها، حتى ولو كان الأمر يتعلق بمقبرة المدفون الأوّل فيها، قبل مجئ آل خليفة بعدة قرون. فبعد توليه منصب الوزارة بعامين وتحديداً في 4 ديمسبر 2008م، تمّ إرسال رسالة توضّح المنهجية المتّبعة من جانب مهندسي الانتقام الطائفي، واختار لذلك مدافنَ الشّيعة العلويين في قرية "توبلي"، حيث أصدرت وزارة العدل بيانا جاء فيه: "مقبرة السّادة تعود ملكيتها الرّسميّة لمصلحة إدارة الأوقاف السّنيّة بحسب الوثائق الرّسميّة القديمة، وأن أي تصرف في المقبرة حالياً يُعتبر مخالفا للقانون". علماً بأنّ خالد بن علي كان قد تسلّم - قبل عام - وثيقة تاريخيّة تُثبت ملكية المقبرة للأوقاف الجعفرية، وتبعية مسجدين مجاورين لها. وبحسب النائب البلدي عباس المحفوظ؛ فإنّ "جميع الأدلة والوثائق القديمة تؤكّد أن هذه المقبرة قائمة منذ مئات السنين، وسُلّمت هذه الوثائق لوزارة العدل والوزير الحالي والسابق ومدعمة بصور لقبور المقبرة المنحوتة في المرتفعات والمقابر المنحوتة في البحرين قام بنحتها الشيخ أحمد الكوري، وهو من سكنة قرية الكورة، وذلك قبل مئات السنين، وقبورها خير شاهد على أنها تتبع الأوقاف الجعفرية، وذلك من طريقة دفن الموتى التي تُبيّن أنهم دفنوا وفق المذهب الجعفري".

صدّ المؤسسّات الدينيّة

وللإجهاز على أي صعود،  أو نمو "شيعي" على مستوى المؤسّسات الدّينيّة؛ فقد شرعن خالد بن علي آل خليفة قرارا في العام نفسه؛ يمنع فيه إنشاء أي مسجد أو مآتم دون موافقته شخصيّاً، باعتباره وزير العدل، وجاء في القرار رقم (41) لسنة 2008م: أنه "يجب على منْ يرغب من الإدارات المعنية في إنشاء أيّ من دور العبادة التقدُّم ابتداء بطلب للحصول على موافقة الوزير، وذلك قبل اتخاذ أيّ إجراء من إجراءات استصدار ترخيص المباني من البلدية المختصة". أما المادة الثالثة من القرار؛ فنصّت على أن «تُشكّل لجنة فنيّة من موظّفي الوزارة المختصين بالشئون الهندسية، ومن ممثل لكلّ من إدارة الأوقاف السّنية وإدارة الجعفرية، وتتولّى النظر في طلبات إنشاء دور العبادة المُقدّمة من الإدارات المعنية، ومتابعة الإجراءات المتعلقة بهذه الطلبات وما يطرأ على موضوعها من تعديل أمام البلدية المختصة. وترفع هذه اللجنة إلى الوزير تقريراً مفصلاً بنتيجة أبحاثها وتوصياتها لاتخاذ ما يلزم في هذا الشأن".
     بالنّظر إلى هذه السّيرة؛ لم يكن مستغربا أن يكون هذا الوزير هو نفسه منْ أشرف على هدم أكثر من 30 مسجداً شيعيّاً فترة السّلامة الوطنيّة، فيداه قد عُجنتا بجرائم الطّائفيّة.

تشريع الأحكام الوحشية

وزير العدل الخاضع لعقدة الأصول الكاملة؛ لم يستمر في منهجيّة التّطهير فقط، بل تفنّن فيها، وعمل - بحكم صلاحيّاته - على التّطبيق الحرفي لبرنامج التّطهير الطائفي في وزارة العدل. فجميع الأحكام التي أصدرتها وتُصدرها "محاكم التفيش" في البحرين؛ تخضع لسلطة الوزير، وله اليد الطّولى في إصدار الاحكام التّعسفيّة على المعتقلين بكافة أصنافهم، فعلى سبيل المثال؛ أقرّ تقرير لجنة تقصّي الحقائق – برئاسة البروفسور بسيوني - أن محاكمات مجموعة "الرموز" في المحاكم العسكريّة غير قانونية، ومُخالفة لقواعد حقوق الإنسان. وبسبب ذلك، عَمِد الوزير لنقل قضايا مجموعة "الرموز" إلى القضاء المدني، وأقرّ للقضاء تأييد الأحكام التي أصدرتها المحاكمُ العسكرية. ومثال آخر، تدخّل الوزير في محاكمة النّاشط الحقوقي نبيل رجب، انتقاماً منه، وذلك بإصدار حكم ضدّه بالسجن ثلاث سنوات، بحجّة استقلالية القضاء، في حين أن تلك الاستقلالية تخضع لمراقبة وإشراف وزير العدل، وهو أمر لم أفصح عنه نيبل رجب عقب حكم محكمة الاستئناف والتمييز ضده، حيث قال بأنّ قرار سجنه "أصدره وزير العدل نفسه، ونفّذه القضاة المركونون على منصّة القضاء".

حذاء الحاكم العسكري

في فترة السّلامة الوطنية؛ اعتقد وزير العدل أنّ الحاكم العسكري سوف يظلّ متربّعاً "على العرش" ولما بعد فترة السلامة الوطنية، وهو اعتقاد كان يسرح في خواطر أكثر أولئك الذين اندفعوا – بلا خجل – في إظهار وحشيّتهم المذهبيّة. تحت تأثير هذه الأمنيات، اندفع الوزير مع الآخرين، واشترك في "حفلات" الافتراء والكراهية والجنون الطائفي. في المؤتمر الصحافي الذي لا ينساه البحرينيون، في الثالث من مايو 2011م، وبمعية الوزيرة فاطمة البلوشي، أعلن أشهر الأكاذيب ضد الكادر الطبي، متهماً إيّاه ب " استعمال المستشفى في تخزين الأسلحة، إذ تم العثور لدى تفتيش المستشفى على أثر إنهاء احتلاله، على عدد من الأسلحة النارية والذخيرة، كما تم ضبط كميات من الأسلحة البيضاء (سيوف وسكاكين) وعبوات قابلة للاشتعال (مولوتوف) وتممت البلوشي بتأكيدها على أن الكادر الطبي قد أخفى اسلحة في السقوف والمخازن بالسلمانية".
   

الكارثة الكبرى كانت عندما خرج وزير العدل - تملؤه الثقة والاعتزاز بالإثم - معلناً هدْم المساجد الشيعية، وأنّ ذلك تمّ وفق القانون والمصلحة الوطنيّة. وذلك في الوقت الذي تنصّل كلّ منْ ساهم في تلك الجريمة البشعة من دورهم، بما في ذلك مجلس الوزراء الذي أصدر القرار، ولكنه توارى خلف "التّصدي" الفاقع لوزير العدل، ودفاعه عن تلك الجريمة. كانت هذه الأكاذيب كافية لأن تُودع كلاً من خالد بن علي آل خليفة وفاطمة البلوشي؛ السجنَ، وحجزهم مع الأفّاكيين والدجاليين، وبالمنظور الوضعي والقانوني الذي يتبجّح به وزير العدل كلّما استلم المنصّبة، وأتته شهوة الكشف عن العُقد الدّفينة. إلا أن وزير العدل، ارتضى أن يكون حذاء مناسبا للحاكم العسكري، والذي لم انتهت أحلامه، وأرخى نياشينه، وسلّم حذاءه العسكري لأقرب زاوية في مكتبه المُثخن بالعار. عاد الحاكم العسكري إلى مقرّ إقامته في الصّخير خاسراً جولته "الأخيرة"، وأمّ معاركه، إلا أنه أبقى من خلفه الحكم العسكري قائماً، وظلّ يراقب صناعته عن بُعد، مكتفياً بالظهور الإعلامي الواسع والدائم، بغرض التذكير ببطشه المعروف، وأحلامه غير المنجزة بالكامل. لذلك، فإن القتلة والجلادين و"تجّار" التطهير الطائفي؛ بقوا في مناصبهم، وحظوا بالتكريم، ليكملوا ما ابتدأه سيدهم وكبيرهم. فظلّ وزير التربية في منصبه مستمرّاً في حملات التطهير الطائفية، وانتهاج المكارثية دون حسيب أو رقيب، واستمرّ وزير الداخلية ذراعاً تُتفّذ بإخلاص مشروع القمع، في حين حافظ وزير العدل على موقعه ناطقاً رسميّاً لتلك الحملات، ومهندساً للدسائس والفتن.


ذاكرة قصيرة 
ربما تكون ذاكرة الوزير خالد بن علي آل خليفة غير مكتملة بعد، أو أنها لا تزال تعتمد على ما يُعرف بالذاكرة قصيرة المدى، حيث يتمّ الاحتفاظ بالذكريات والحوادث لفترة بسيطة، ثم يتمّ حذفها تلقائيا. لكن النّاس ليسوا كذلك، فهم يمتلكون نضجا أوسع، وذاكرتهم أكثر اكتمالاً، وهم يعتمدون في حياتهم على الذاكرة طويلة المدى، والتي لا تنسى الحدث فيها. وربما غلب الغرور، والثقة الزائفة بالنفس على عقل الوزير؛ فلم يعد يكترث لما يقول وما يصدر من مواقف، لاسيما في الفترة الأخيرة التي تسلّم فيها إدارة الحوار، وهنا نحيله لبعض الذاكرة الإلكترونية العالمية، ليرى كيف كان، وإلى أين سينتهى به المطاف.

هوامش

ملف وزير العدل: 















التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus