الشهيد الإعلامي أحمد إسماعيل على جدارية متحف «نيوزيوم» الإخباري بواشنطن للصحفيين الذين قتلوا في 2012

2013-05-14 - 6:16 ص

مرآة البحرين: دشن متحف واشنطن الإخباري «نيوزيوم» أمس الاثنين 14 مايو/ أيار، في مبناه الشهير بالعاصمة الأميركية «واشنطن»، جدارية ضمت أسماء الصحفيين الذين قتلوا خلال العام 2012، وحوت اسم المصور البحريني الشهيد أحمد إسماعيل. 

وحضر والد الشهيد مناسبة التدشين في المتحف الذي يقع في واحد من أشهر شوارع العاصمة «بنسلفانيا أفنيو»، على مقربة من مبنى الكابيتول، مقر الكونغرس الأميركي. 

وينصب اهتمام المتحف على الصحافة وتأثير المهنة الصحفية عبر التاريخ، وهو مخصص لمساعدة زواره على توسيع مداركهم وفهمهم لدور وسائل الإعلام والحقوق والمسؤوليات وحرية الرأي التي تترتب عليها. 

ويقوم المتحف بنشر قائمة سنوية بأسماء جميع الصحافيين الذين قتلوا خلالها. وقد ضمت القائمة هذا العام اسم الشهيد أحمد إسماعيل الذي قتل العام الماضي برصاصة قناص مدني تابع إلى وزارة الداخلية لدى مشاركته في مسيرة بمنطقة سلماباد. 

الشهيد أحمد إسماعيل: عرفنا موقعك.. ومن أين تصور!

في مارس/ آذار 2012 راج فيديو يظهر ملشيات مدنية مسلحة تابعة لوزارة الداخلية البحرينية، وهي ترابط عند أحد الحواجز الفاصلة بين منطقتي إسكان عالي والرفاع، جنوبي العاصمة المنامة. كان المصور الشهيد أحمد إسماعيل يراقب المشهد متلصصاً من وراء أحد الجدران، مقرّباً عدسة كاميرته ومبعّداً، في مسعى لتصويره بكافة تفاصيله. 

كان أحد عناصر الملشيات يحمل سيفا، وثلاثة آخرين يحملون بنادق. أتت سيارة لدعمهم بمزيد من المدنيين، تبعتهما 3 سيارة أخرى عسكرية تابعة إلى وزارة الداخلية. ثم انضمت إليهم سيارة خاصة طبع عليها الشعار الملكي وصورة للملك. وقد ظهر منها شخص وهو يصوب بندقيته في الهواء. 

كان إسماعيل يمكث بشكل يومي لساعات، حارناً في مكانه لتصوير حركة الملشيات المسلحة، أو ما يعرف بـ«البلطجية» التي استخدمتها السلطات لاحتواء احتجاجات ثورة 14 فبراير/ شباط. ثم يقوم بعمليات المونتاج الخاصة لحصاد يومه والأيام الأخرى، وإنزالها على هيئة مواد فيلمية في «يوتيوب». هكذا ظلّ يجوب بكاميرته على أماكن تمركز الملشيات، والتلصص وتصويرها.

آخر رد تلقاه على هذا الفيديو الذي نشره يوم 21 مارس/ آذار، هو: «عرفنا موقعك ومن أين تصور».
بعد أسابيع قليلة من ذلك، في أبريل/ نيسان وجد إسماعيل مقتولاً في منطقة سلماباد، المحاذية لمنطقتي عالي والرفاع، برصاصة اخترقت بطنه وفخذه الأيمن. وصلت الرسالة!

ويروي شهود عيان وقائع قتله الذي يصفونه بـ«الاغتيال» كالتالي: «كان واقفاً في ساحة بالقرب من الطريق الرئيس في الوقت الذي راحت مسيرة تجوب شوارع منطقة سلماباد حوالي الساعة 12:30 ليلاً». في الأثناء، يضيف الشهود «كانت هناك سيارة (لاند كروزر) مدنية تصوب أشعة ليزر خضراء على المتظاهرين. وسرعان ما انهمرت طلقات الرصاص التي انتشر صوتها في الفضاء بقوّة، ما أدى إلى أن يركضوا هاربين». لم يصب أي من المتظاهرين بل شاهدوا شاباً يصرخ وهو يجري حوالي مسافة 20 قدماً لم يلبث وأن سقط عل الأرض في إثرها. اخترقت الرصاصة جسم أحمد إسماعيل!

حاول متظاهرون اللحاق به ومساعدته على المشي، حيث لم يكن قد لفظ أنفاسه الأخيرة بعد، لكنه لم يقوَ على ذلك. ما اضطرهم ذلك إلى حمله إلى أحد المنازل حيث تلقى الإسعافات الأولية. 

وتقول شقيقته نادية إسماعيل «كان والدي يشدد عليه ألا يخرج في التظاهرات، وكان دائماً يجيب بأنه ليس أفضل من أولئك الذين يضحون من أجل الحرية». رافقته نادية في رحلته الأخيرة إلى المستشفى. وهناك كانت أجهزة المخابرات التي تحكم السيطرة على المستشفيات منذ 16 مارس/ آذار 2011 تحاول استدراج عائلته إلى التصريح بأن الحادثة كانت بفعل شجار أو حادث سير. في حين أقر كل الأطباء الذين عاينوا جثته أن  الجرح نتج عن رصاصة حية. وسرعان ما ترجمت عمليات الاستدراج والضغوط إلى تزييف متعمد أريد له أن يكون بين شهادة الوفاة وتقرير الطبيب الشرعي حول سبب الوفاة. 

ففيما يشير تقرير الطبيب الشرعي المؤرخ في 1 أبريل/ نيسان إلى «وجود إصابة نارية حيوية حديثة بمنطقة الحوض حدثت من عيار ناري مفرد». يعزو تقرير الوفاة إلى أن «السبب يعود إلى جرح غائر من مصدر مجهول».

رفضت عائلة إسماعيل استلام جثته ما لم تتم المطابقة بين التقريرين. وصاغت شقيقته نادية هذه الرسالة «لن نستلم جثمان الشهيد ما لم تتم مطابقة تقرير الطبيب الشرعي بشهادة الوفاة». وقد أبلغت العائلة تحفظها إلى الطبيب الشرعي وجددت تمسكها بضرورة أن تتم كتابة سبب الوفاة إلى طلق رصاص. أخيراً كان لعائلته ما أرادت. لكن أحمد مات، فيما ما تزال سيارة «اللاند كروزر» التي صوّبته تعربد في شوارع الجزيرة الصغيرة المشتعلة وسط حوض الخليج.

* بالتعاون مع رابطة الصحافة البحرينية

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus