جستين غينغلر: الانقسام عبر الاطلنطي في البحرين

2013-05-15 - 7:58 ص

جستين غينغلر، مدونة (الدين والسياسة في البحرين)
ترجمة: مرآة البحرين

يمكن للمرء أن يتذكر في دعوته المفاجئة في كانون الأول/ديسمبر 2012 لإجراء محادثات سياسية متجددة في حوار المنامة، خص ولي العهد الأمير سلمان بريطانيا العظمى في دعمها للبحرين، قائلا لسيد الاستعمار القديم، "لقد وقفت إلى جانبنا أكثر من الآخرين". أما الولايات المتحدة، وعلى النقيض من ذلك، فلم يتم ذكرها على الإطلاق، وهو استبعاد وصفته وسائل الإعلام بـ "الازدراء" وراحت تشير إلى استياء البحرين من الاستعداد النسبي للولايات المتحدة للضغط على حليفتها من أجل الإصلاح الحقيقي.

بعد أسابيع قليلة، من بدء عملية الحوار من جديد (وإن لم يكن، ظاهريًا، نتيجة  لحث الشيخ سلمان)، كتبت أن هذا "الازدراء" في الواقع ينبغي أن يخدم عملية الحوار بشكل جيد، فالقصد هو ألا يكون هناك أي لبس فيما يتعلق برعايته. إن أسرع وسيلة لعرقلة أي محادثات سياسية في البحرين، هو القول، أن نترك الباب مفتوحا أمام التفسير بأن الولايات المتحدة تقف وراءه خلسة. فما هي أفضل طريقة لإثبات ذلك سوى الإيحاء للرأي العام بأنها نزاع دبلوماسي؟

ولكن، في الآونة الأخيرة، يشعر المرء بأن هناك فجوة دبلوماسية تختمر في الحقيقة. ويبدو أن هذا سيستتبع ليس فقط الخلاف بين الولايات المتحدة والبحرين، بل ربما الأهم من ذلك فصل متزايد في السياسات بين الراعيين التاريخيين للبحرين أنفسهما، الولايات المتحدة وبريطانيا. وعلى الرغم من تورط جون تيموني القائد السابق لشرطة ميامي، لا يزال البريطانيون يعملون بشكل وثيق مع وزارة الداخلية للمساعدة في إصلاحها. (وبالمناسبة، أوردت صحيفة أخبار الخليج أنه تم أمس اعتقال ثلاثة أشخاص لانتهاكات مزعومة). وبالمثل، يبدو أن للسفارة البريطانية التي تنسق عن كثب مع راعي عملية الحوار الجارية، وزير العدل الشيخ خالد بن علي، في الواقع دورًا أساسيا في إعداد العملية.

وبطبيعة الحال ليست جميعها سلسة – لجنة التحقيق البرلمانية الجارية بشأن العلاقات البريطانية مع العربية السعودية والبحرين هي نقطة حساسة –  فاليوم هناك تناقض صارخ في العلاقات الحالية للبحرين مع الولايات المتحدة.  ففي الوقت الذي يقال إن السفير البريطاني إيان ليندسي يلعب بانتظام الغولف مع الملك حمد، فإن سفارة الولايات المتحدة ستكون محظوظة في الرد على اتصالاتها. الاثنين الماضي، تم " استدعاء" السفير توماس كرايسكي، وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية للقاء وزير الخارجية الشيخ خالد عقب نشر وزارة الخارجية الأمريكية  تقرير حقوق الإنسان السنوي حول البحرين. والذي وصف الانتهاكات "الخطيرة" المستمرة بما في ذلك التعذيب في الحجز، وأيضا "مشكلات حقيقية في مجال حقوق الإنسان"، بما في ذلك "عجز المواطنين عن تغيير حكومتهم بشكل سلمي؛ اعتقال واحتجاز المحتجين بتهم غامضة، تؤدي في بعض الحالات إلى تعرضهم للتعذيب في المعتقل، وعدم مراعاة الأصول القانونية في محاكمة الناشطين السياسيين والحقوقيين".

مصدر سنوي لتوتر دبلوماسي (بما في ذلك عامي 2008- 2009 عندما كنت في البلاد)، كان هناك تقرير لوزارة الخارجية  يتوافق مع قرار متزامن صادر من البحرين لـ "تأجيل" – أو يمكن القول إلغاء – الزيارة المرتقبة لمقرر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب.

البرلمان البحريني غير المعارض كان لديه يوم حافل، بطبيعة الحال، شجب التقرير وعلى وجه الخصوص السفير كرايسكي، وبالفعل في ظل التدقيق البرلماني (والشعبي) لعلاقاته السرية المزعومة مع أعضاء من الوفاق حول مباني الحوار الجاري – ناهيك عن الفترة التي قضاها في سلطة التحالف المؤقتة في العراق. وهذه افتتاحية لجريدة اخبار الخليج في منتصف نيسان/أبريل:
في الواقع، إذا كنت [ أيها الأمريكي] تعيش في البحرين وتتمتع بإقامتك، وتود أن تستمر بالعيش هنا، هل يمكنك أن تقول لي بصراحة ما هي مصلحة حكومة الولايات المتحدة  في تلقيم ما يسمى المعارضة والتي هي ليست سوى حركة إرهابية تمولها إيران – عدونا المشترك – وتتبناها حكومتك؟

هذه المعارضة  ترتكب الفظائع يوميًا. إنهم يقتلون المواطنين الأبرياء والعمال الأجانب الأبرياء. أنهم يقتلون رمز الأمن بحرق رجال الشرطة أحياء. في الواقع، في الفترة الأخيرة  رأيت شخصا قد أصيب إصابة بليغة في فروة رأسه؟ حسنا، ربما رأيت ذلك في فيلم غربي، ولكن لدينا رجل شرطة قد أصابته طابوقة في فروة رأسه هنا في البحرين،  هل تود أن ترى صورته؟

وكان لدى السفير البريطاني الحشمة ليعترف بأن هذه الغوغاء ليست سوى مجموعة من الإرهابيين. واعترف الوزير البريطاني أليستير بيرت أن إيران تتدخل وأنها السبب المباشر لما يجري في البحرين. كما وأنه نفى بشكل قاطع بأن يكون لدى بريطانيا ما تفعله معهم.

من ناحية أخرى، لم يدن السفير الأمريكي أعمال العنف ولم ينكر حقيقة أنه في الواقع على اتصال دائم مع أولئك الذين يسمون إرهابيين.

للعلم، السفير الأمريكي: المتعاطف الإرهابي الذي يعمل لإيران، والسفير البريطاني: ليس ارهابيا متعاطفا وليس عميلا إيرانيا.
بالطبع، الشيء المثير للقلق ليس هذا التباين في الرأي العام في حد ذاته ولكن الاختلاف في السياسة الذي يكمن فيه. الولايات المتحدة تواصل تعليق آمالها على قرار سياسي بشأن ولي العهد، وعلى ما يبدو تتجنب كل الأفراد الآخرين من آل خليفة. قارن، على سبيل المثال، الزيارات الأخيرة التي قام بها أمير قطر ومحمد بن زايد من أبو ظبي للبيت الأبيض، الذي التقى مع الرئيس أوباما. وعلى النقيض من ذلك، الزيارة التي قام بها وزير الخارجية غير ذي الأهمية في نيسان/أبريل، والذي كان في استقبله موبخًا جون كيري.

ولكن للأسف بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة في البحرين، وعلى الرغم من بعض النجاح الذي حققه مؤخرًا (كما سمعت) في تأكيد سلطته المكتشفة حديثًا داخل الحكومة، يبقى الشيخ سلمان الشخص الأفضل المعروف بفشله المحرج في آذار/مارس 2011. فقط عندما يحرز تقدمًا ملموسًا يمكن للمواطنيين العاديين أن يروه ويشعروا به – أقول، من خلال إعادة ضريبة هيئة تنظيم سوق العمل المعلقة الآن على العمالة الأجنبية وإحياء برنامج التدريب على العمل الذي مولته – فإنه سوف تبدأ أسهمه السياسية في الارتفاع. ويمكن للمرء أن يكون على يقين من أن منافسيه داخل الأسرة الحاكمة، إلى جانب أمثالهم في المجتمع، سوف يعملون بجد لضمان أن هذه المحاولة لا تتقدم بسلاسة.

البريطانيون، من ناحية أخرى،  وبوضوح يمدون أيديهم إلى مجموعة واسعة من الشركاء داخل الأسرة الحاكمة. وبعيدًا عن التعاون البريطاني المذكور أعلاه مع وزيري الداخلية والعدل، فقد زرعت علاقة وثيقة على ما يبدو مع المؤسسة العسكرية في البحرين، وهي مؤسسة مرتبطة ارتباطًا وثيقا مع فصيل الخوالد المتشدد والقوي في العائلة الحاكمة. ويشمل هذا التنسيق التدريبات الثنائية، وتمارين، وزيارات رفيعة المستوى، واتفاق تعاون دفاعي جديد تم توقيعه في تشرين الاول/أكتوبر 2012. (وبالمناسبة، ساندهيرست، التي خضع الملك حمد فيها للتدريب عندما كان وليًا للعهد، والتي أعيد تسمية إحدى قاعاتها مؤخرا  تكريما له، مقابل 3 ملايين جنيه استرليني).

والجدير بالذكر أن هذا التعاون المتزايد في المسائل العسكرية يعني  أيضا أنه بدلا من الشيخ سلمان، فقد تقرب البريطانيون إلى ابن آخر من أبناء الملك حمد وهو الشيخ ناصر.  الشيخ ناصر، المعروف قبل الانتفاضة أساسا كرئيس للجنة الأولمبية البحرينية، وكان قد خرج من الغموض النسبي في الفترة منذ شباط/ فبراير 2011. وفي أوج الحملة الأمنية في حزيران/يونيو 2011، تم تعيينه قائدا للحرس الملكي البحريني ورقي من رتبة نقيب إلى عقيد. وفي نفس الوقت تقريبا، اتهمه نشطاء المعارضة  بالضلوع في تعذيب الرياضيين المعتقلين، سمعة (نالها بطريق سليم أو لا)  عززت صورته وشعبيته بين البحرينيين من أصحاب الذهنية الأمنية. ومثل والده، حضر الشيخ ناصر في ساندهيرست، وتخرج في عام 2006. وفي الوقت الذي لم يشكل فيه الشيخ ناصر تهديدًا مباشرًا للحلول مكان ولي العهد كوريث جلي، فإن شيئًا من هذا القبيل ربما لا يكون خياليًا، وزواجه من ابنة حاكم دبي ميزة إضافية في هذا الصدد.

ولكن من غير المرجح بأن المصلحة العسكرية البريطانية المكتشفة حديثا في البحرين تمثل مجرد تحوط للرهانات في الحدث بأن ولي العهد لا يسود في مباراته الأسرية في الاتجاه السياسي. في الواقع، تقرير صدر مؤخرًا عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة، مركز أبحاث أمني بريطاني: "يقترح بأن بريطانيا يمكنها ببطء إعادة تأسيس وجود عسكري دائم واستراتيجي في الشرق الأوسط  ما يرقى إلى إعادة النظر في قرار عام 1960 بانسحاب القوات البريطانية من مناطق 'شرق السويس "  ويواصل ..

المملكة المتحدة عند نقطة قرار هامة حيث إن التوجه الدفاعي بالنسبة لدول الخليج شيء معقول ومنطقي على حد سواء....

البحرية الملكية ... تنشط أكثر في البحرين، وهي بالفعل موطن للقيادة البحرية للمملكة المتحدة.
"يبدو أننا نشهد تحولًا بطيئًا في الموقف العسكري في المملكة المتحدة تجاه عودة مؤقتة (في هذه المرحلة المبكرة) إلى استراتيجية ما قبل عام 1971 في تأصيل الوجود البريطاني في جنوب الخليج من خلال اتفاقات مع حلفائها التقليديين في أبوظبي ودبي، ومع المراسي النائية في البحرين وسلطنة عمان، والعلاقات السياسية والاقتصادية الوثيقة مع العربية السعودية والكويت التي يمكن ترقيتها إلى المستوى العسكري إذا لزم الأمر".

على كل حال، المرء يأمل بأن تتمكن بريطانيا والولايات المتحدة من تحقيق المزيد من تنسيق السياسات البناءة في البحرين. ومع كل التصدعات الداخلية التي تساعد في الحيلولة دون حل للجمود السياسي في البحرين، البلاد بالتأكيد ليست  بحاجة إلى آخر.

مستجدات 1: العديد كتبوا ليشيروا إلى السفارة البريطانية في الاختيار الغريب للبحرين " للمساهمين" في مدونة في احتفال اليوم العالمي لحرية الصحافة يوم الخميس، عنيت محرر صحيفة أخبار الخليج أنور عبد الرحمن (الذي استخدم في كانون الأول/ديسمبر حريته في الصحافة لنقل ندوة مخطط لها حول البحرين نظمتها بروكينغز في الدوحة)، و "مواطنون من أجل البحرين"، و "ائتلاف المواطن" المجهول والموالي للحكومة الذي كانت أطروحته الرئيسية  أن " لحرية الصحافة حدودًا". وكما قال أحد الأصدقاء مازحًا  "السفارة البريطانية قد خلطت عن غير قصد اليوم العالمي لحرية الصحافة مع الحب الدولي ليوم الرقابة. لقد فعلت ذلك بسهولة!"

مستجدات 2:  تقرير في الإندبندنت في أواخر آذار/مارس: "[وفي مقابلة مع صحيفة أخبار الخليج، لاحظ ليندسي]  أيضا أن" الشركات البريطانية ينبغي أن تكون قادرة على رفع ما لا يقل عن مليار يورو قيمة الأعمال التجارية هنا على مدى السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، الاحتمال الذي قد يلون أو لا يلون موقفه من الحقوق المدنية في المملكة".

مستجدات 3: أوردت جريدة الوسط (وعن طريق سميرة رجب؛ هنا باللغة الإنجليزية ) أن مجلس الوزراء البحريني قد وافق على اقتراح نيابي لإنهاء "تدخل" السفير الأمريكي في البلاد، ولا سيما لقاءاته مع الوفاق. ما لم أكن مخطئًا، فإن المقترح المذكور يعود إلى تشرين الأول/أكتوبر 2012، وقد قام برعايته ستة نواب من التيار الإسلامي. ومن غير الواضح ما يعني هذا عمليًا، فلقد أعلنت رجب أيضا أن البحرين "ستلتزم بالاتفاقات الدولية في التعامل مع السفير الأمريكي،" أي أنه لن يطرد.

مستجدات 4: الشيخ ناصر (جنبا إلى جنب مع شقيقه خالد) مرة أخرى في بريطانيا كرئيس لوفد البحرين إلى رويال وندسور هورس شو.

1 أيار/مايو2013 




التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus