البحرين تعيد فتح أبوابها لأشباه الأكاديميين

2013-05-29 - 11:34 ص

جستين غينغلر، الدين والسياسة في البحرين
ترجمة: مرآة البحرين 

بما أنني مضطر هنا في كثير من الأحيان أن أكون الحامل للأخبار السيئة، اليوم أنا سعيد في إعداد تقرير عن تطور إيجابي جدًا في الواقع، التطور الذي سيكون بالتأكيد موضع ترحيب عند جميع المهتمين بالسياسة البحرينية: البلد اليوم يستأنف البحث الأكاديمي من جديد، وحتى في أكثر المواضيع حساسية. يبدو أن هذا القرار قد اتخذ مؤخرًا،  فقبل ثلاثة أسابيع فقط  تلقيت رسالة بريد إلكتروني من باحث قد منع من دخول البحرين لأنه "صحافي". ولكن لا يهم، فهناك نوع من عمل نتوقع أن يمضي قدمًا، وهو دراسة تجريبية جديدة (كامل الدراسة هنا) للتركيبة السكانية الطائفية في البحرين بقلم ميتشل بيلفر، وهي تلخص "نتائج ثمانية عشر شهرًا من البحوث الميدانية في البحرين".

اذا كان اسم بيلفر يذكرنا بشيء، فينبغي ذلك. بيلفر هو مؤلف لعمل له نفس القدر من الطرافة نشره العام الماضي في مجلته " المجلة الأوروبية المركزية للدراسات الدولية والأمنية"، بين المنشورات الرئيسية لجامعة ميتروبوليتان براغ  (طبقا لتقديرات عام 2001)، بعنوان "المقاطعة الرابعة عشر: الصراع الإيراني البحريني في سياقه". واستثمرت  في وقت لاحق في افتتاحية لصحيفة وول ستريت جورنال وبقوة خطابية متساوية.

واستمرارًا في الحديث عن موضوع "الصراع الإيراني البحريني" الكبير، فإن موضوع بليفر الجديد "تحليل السياسات" وضع تحت عنوان  "الحرب الديموغرافية"، وهو يهدف إلى "دحض" الادعاءات القائلة بأن الطائفة الشيعية في البحرين ممثلة تمثيلًا ناقصًا و / أو مستبعدة من عوامل الحياة الاقتصادية المتقدمة في البحرين". وتحقيقًا لهذه الغاية، يدعي بيلفر بأنه أجرى تحليلًا كميًا شاملًا للتركيبة السكانية الطائفية لعشرات من الوكلات والشركات العامة، وهي: 

في أربعة مجالات اقتصادية رئيسية في البحرين: ( تم اختيار ست وزارات وخمس منظمات على أساس عدد الموظفين)، وقطاعات التخصص ذات الدخل المرتفع (قطاع الصحة، المالية والمحاسبة، وتقنيات المعلومات، الخ) والقطاع الخاص ( تم اختيار اكثر من عشر شركات ناجحة في البحرين للتحقيق) والقطاع المصرفي ( تم اختيار أكبر خمسة بنوك، من موظفين وممتلكات مالية، لهذا البحث).

كيف يمكن لشخص أن ينجز هكذا عمل، تتساءل؟ هل باستخدام شهادات الزواج! انتقادًا " للأساليب الغريبة للطريقة غير الرسمية في الإحصاء السكاني " (أي العينة الممثلة؟) المستخدمة من قبل بعض الباحثين، يوضح بيلفر أنه لا يوجد سوى " طريقة واحدة لتحديد ( مع هامش صغير للخطأ فقط) ما إذا كانت الجنسية البحرينية ملازمة للمذهب السني أو الشيعي، من خلال عملية تفتيش شهادات الزواج منذ أن قامت السلطات الدينية بإصدارها لكل طائفة". وبالتالي، كما يقول، يستخدم ببساطة هذا المصدر الذي تم تجاهله في السابق لتحديد التركيبة الطائفية عبر مجموعة متنوعة من المؤسسات البحرينية.

وعندما أقول "ببساطة" هنا، فهذا هو بالضبط ما أعنيه. في الواقع، ليس هناك من مكان يصف فيه بيلفر كيف ينتقل في الواقع من ( فكرة معقولة من حيث المبدأ) شهادات الزواج إلى الإحصاءات الشاملة التي يقدمها. وهو يقدم في وصف منهجه بضعة أسطر فقط:

تم اختيار ست وزارات حكومية وخمس مؤسسات لفهم أفضل للانقسام الطائفي بين الشيعة والسنة في البحرين. وقد تم اختيارها على أساس ثلاثة معايير رئيسية هي: الأول وهي أنها تعتبر من الوكالات الرئيسية للحكومة والتنمية الوطنية، والثاني هو أن هذه الوزارات توظف أكثر من ألف شخص والمؤسسات توظف أكثر من 300 شخص لكي يكون هذا البحث أكثر انعكاسًا للواقع، والثالث هو أنه كان هناك، ولأسباب عملية، مجال أوسع للوصول إلى المعلومات في هذه الوزارات والمؤسسات.

وهكذا، ينقاد المرء للاعتقاد بأن بيلفر قد أخذ عينات عشوائية من الموظفين في عشرات الشركات والوزارات البحرينية  -- آلاف الأشخاص، وفرضا ما لا يقل عن بضع مئات من كل مؤسسة لتكون العينة تمثيلية – وأنه طلب من الموظفين المحددين جلب شهادات زواجهم لفحصها، وبعدها قام بتسجيل مذهبهم. وبصرف النظر عن السخرية بأن هذا النوع من أخذ العينات هو بالضبط نوع  "غريب من الإحصاء السكاني غير الرسمي" والتي يرفضها بيلفر في مقدمته، وبصرف النظر عن مسألة العاملين غير المتزوجين، فإن المرء يتساءل عن حظ هذا الباحث التشيكي الغامض على ما يبدو بمنحه " منفذًا واسعًا للحصول على المعلومات"، بينما يتم إرجاع الآخرين من المطار ليس لأكثر من تفوههم باسم البحرين.

ويبدو أن التفسيرات المحتملة، وفقا لذلك، ثلاثة: إما أن بياناته ودراسته ملفقة تمامًا، وإما أن الدراسة قد أجريت بمباركة / رعاية صريحة من الحكومة، أو الاثنان معا. البديلان الأخيران يساعدان في تفسير (ضع جانبا مسألة "عمله"  السابق ) هدفه الصريح هنا لمحاولة "دحض" ادعاءات التمييز ضد الشيعة في البحرين، والذي هو هدف غريب لدراسة أكاديمية. فإذا كان هدفه فكريًا بحتًا، فيفترض أن يهدف ببساطة إلى تحديد التركيبة الطائفية الفعلية لمختلف الوكالات والصناعات البحرينية، وليس لدحض فكرة معينة.

ومن ناحية أخرى، فإنه من المدهش أن النتائج الموضوعية لتحليله ليست مدهشة. وعلى العكس من ذلك، فإن معظمها يبدو لتأكيد التصورات العامة في البحرين فيما يتعلق بالتمثيل المفرط النسبي للسنة والشيعة، على التوالي، عبر مختلف قطاعات الحكومة والاقتصاد. والقول إن الشيعة، على سبيل المثال، ممثلون بشكل مفرط في وزارتي الصحة والبلديات ولكن ممثلون تمثيلًا ناقصًا في وزارة المالية، هو شيء معقول إلى حد كبير ويتماشى مع التصورات الشعبية. وعلى نحو مماثل، بأن الشيعة يهيمنون على موظفي ألبا وبابكو ولا يهيمنون في المطار كل ذلك يبدو غير مثير للجدل.

في الواقع، وبعد ذلك، المرء يبدأ بالشك بأن تكون إحصائيات بيلفر – التي وبصرف النظر عن وزارة العدل لا تشمل بيانات عن الوزارات السيادية مثل الخارجية والدفاع، وهلم جرا، ولا في الشرطة أو الجيش – حقيقية، وربما تكون ناشئة عن الهيئة المركزية للمعلومات أو بعض السلطات الإحصائية الأخرى. يمكن للمرء أن يتذكر،على سبيل المثال، تقريرًا لقناة الجزيرة في تموز/يوليو 2011 ، وهو تقرير نفته الحكومة البحرينية بشكل صاخب، حول دراسة حكومية مزعومة بشأن التكوين الطائفي في البلاد. وعلاوة على ذلك، تعاون الحكومة يشرح أيضا كيفية حصول بيلفر فعلًا على البيانات، نظرًا إلى استحالة منهجيته المزعومة.

وأيًّا يكن الأمر، فإن الغرض من مقال بيلفر واضح: وهو الرد على تصورات – المحلية والتي هي على الأرجح بصورة رئيسية تصورات غربية -  التمييز في التوظيف ضد المواطنين الشيعة. بالطبع، اليوم المظالم الرئيسية للشيعة ليست ببساطة مجرد تمييز في التوظيف في حد ذاتها ولكن الاستبعاد غير المتناسب من المناصب السياسية الهامة – في الواقع،  وعلى وجه التحديد الوزارات (وخدمات الأمن) غير المدرجة في تقرير بيلفر – الذي لم يتطرق إلى معالجة هذه المسألة مباشرة.

يبدو أن المشكلة الأكبر مع البحث هي مشكلة الحكومة نفسها. بالتالي، ما هو الدرس المستفاد هنا بالضبط؟ وموجه إلى من؟ على الرغم من أن من الواضح أن الجمهور الرئيسي للمقال هم من الغربيين، فلو كنت مكان الحكومة البحرينية لا أعرف ما إذا كنت سأعلن عن حقيقة أن، في الواقع، المواطنين الشيعة يعملون بشكل أفضل من السنة في العديد من الصناعات و الوكالات.وكما أظهرت نتائج المسح الخاصة بي، فإن الآراء السياسية وسلوك  البحرينيين الشيعة العاديين لا تتعلق بشكل ممنهج بوضعهم الاقتصادي، والسنة هم على النقيض من ذلك، والمرء يظن أن الدولة مطلعة على ذلك.

ومع ذلك، ربما الشكر لميتشيل بيلفر، الذي يبدو أنه قد أثبت الشكوى الرئيسية لكثير من المنتقدين الأعنف للحكومة: بأن السنة البحرينيين لا يُكافؤون لما يقدمونه من دعم قوي للحكومة التي لا تزال تساند تماما أولئك الذين يعارضونها.

مستجدات 1: للتحدث عن "باحثين " عشوائيين تتاح لهم الفرص للدخول دون قيود إلى البحرين، إليك هذا المثال: الصحافية المغربية المستقلة سعاد ميخانت، الآن هي حاصلة على نيمان فالو في جامعة هارفارد، وقد أجرت على ما يبدو مقابلة مطولة مع الملك حمد في البحرين. ويمكن للمرء أن يستنتج جوهر المقال من عنوانه الطريف، "الإرهاب لا دين له". على أي حال، يجب أن تكون هناك قصة جيدة وراء هذا.

مستجدات 2: ربما نقترب من سر "الدراسة" الديموغرافية لميتشل بيلفر. طبعة يوم الجمعة من صحيفة أخبار الخليج  تظهر استعراضًا مطولًا لعمله، بما في ذلك دعاية الصفحة الأولى المغالى فيها تحت عنوان "دراسة أكاديمية من جامعة براغ: جمعيات المعارضة يكذبون [أو كاذبون]: لا تمييز اقتصادي أو وظيفي بين الشيعة والسنة في البحرين". وقد أعقب ذلك استعراض على صفحة كاملة في قسم "الأخبار المحلية"، والتي يمكنك قراءتها أدناه:

مستجدات 3: نظرية بديلة: ربما ميخانت وبيلفر يحتالون  للحصول على الجنسية البحرينية؟ بينما كان في لندن، فالملك حمد يعلن عن إعطاء الجنسية البحرينية لـ 240 مواطنًا بريطانيًا. والآن هناك بعض التجنيس السياسي لكما!

مستجدات 4: تقول الوفاق في تقرير لها إن منزل الشيخ عيسى قاسم قد تمت "مداهمته"  في وقت متأخر الليلة الماضية من قبل "العشرات" من ضباط الأمن. وبقدر ما أتذكر، هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها الحكومة باتخاذ إجراءات مادية – تهديدات باتخاذ إجراءات قانونية، بطبيعة الحال، كانت كثيرة – ضد المرجع الشيعي الكبير في البحرين. (على ما يبدو أنه لم يكن في منزله في ذلك الوقت من المداهمة) وفقا لتحذير السفر الذي وصلني أمس من السفارة الأميركية في المنامة، كانت هناك بالفعل مسيرتان منفصلتان خطط لهما لهذا اليوم، الجمعة: مسيرة على طول شارع البديع (أي، ليست بعيدة عن بلدة عيسى قاسم في الدراز) ومسيرة في سوق المنامة. وهذا التصعيد الأحدث من المحتمل فقط أن يضاعف حماسة المتظاهرين.

6 أيار/مايو 2013 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus