ولي العهد في واشنطن: زيارة الصفعات الثلاث

2013-06-07 - 9:18 ص


مرآة البحرين (خاص): ماذا خلف الكليشيهات المملة والكاذبة التي استخدمها الإعلام البحريني حول زيارة ولي العهد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء إلى واشنطن؟ 

ماذا وراء كليشيهات: تعزيز العلاقات التاريخية الوثيقة القائمة بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات والجهود المشتركة لخدمة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتبادل وجهات النظر مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية؟ كيف استقبل كبار المسؤولين وفد ولي العهد الرفيع المستوى؟
الجواب باختصار، ليس غير الخيبة.

لقد ضمّ الوفد نائب رئيس مجلس الوزراء محمد بن مبارك آل خليفة، ووزير الخارجية خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، ووزير المتابعة بالديوان الملكي أحمد بن عطية الله آل خليفة، ووزير المواصلات كمال بن أحمد محمد، ومستشار الشؤون السياسية والاقتصادية بديوان ولي العهد محمد بن عيسى آل خليفة، ومدير عام مكتب  النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وسفيرة مملكة البحرين لدى أمريكا هدى نونو.

إن آخر زيارة قام بها ولي العهد إلى العاصمة الأميركية، واشنطن كانت في مايو 2012. ولم يرافقها صخب إعلامي، ذلك أن الحكومة البحرينية لم تتوقع أن تكون ناجحة، إضافة إلى أن الملك منذ 2011 وهو يطلب زيارة الولايات المتحدة الأميركية، ولم يُمنح الموافقة. يُفسر هذا الصد بأن صانعي السياسة في العاصمة، واشنطن، يقدرون أن حكومة آل خليفة تُعَرِّضُ المصالح الأميركية في البحرين والمنطقة للخطر، وذلك بسبب عدم سعيها لحل المشاكل السياسية التي بدأت في البحرين منذ عامين.

لقد طلب ولي العهد، أثناء زيارته إلى واشنطن، إجراءَ عدد من اللقاءات مع أعضاء بارزين من الكونغرس، أمثال السناتور "روبيو" و"وايدن" وغيرهم. لكن الرد كان مفاجئًا للغاية لولي العهد، ومضمونه أن أعضاء مجلس الشيوخ منشغلون، لكن طاقمهم قد يتمكن من الحضور في هذه اللقاءات. وهذا يعني حسب المعجم الدبلوماسي صفعة في الوجه. من جانب آخر فإن اللقاء الذي جمع ولي العهد مع الرئيس (أوباما) لم يكن مدرجًا على جدول الاجتماعات الرسمية للأخير. بمعنى آخر، يعتقد البيت الأبيض أن ولي العهد البحريني يشكل عبئًا على الرئيس (أوباما) لذا فإن أي لقاء رسمي معه قد يسبب مشلكة للرئيس. مع ذلك فقد سمح لجهاز الأمن القومي بمقابلة ولي العهد البحريني.

ووفقًا لبيان صحفي صادر عن البيت الأبيض، فإن الرئيس مرّ بهم أثناء الاجتماع، وهذا الأمر يعتبر إهانة لأيٍّ كان. ويعني أن أوباما لم يكن ينوي لقاء ولي العهد، لكنه كان مارًّا بالقرب من مكان الاجتماع، ودخل ليلتقي به لعدة دقائق. وهذه هي الصفعة الثانية التي وجهت إليه.

لم يكن حظ ولي العهد مع وزير الخارجية أفضل من حظه مع الرئيس، فحين توجه نحو وزارة الخارجية الأميركية ليلتقي الوزير "كيري"، و"وليام بيرنز"، و"أوزرا زيا" (التي حلت مكان "مايكل بوسنر"). كان الاجتماع مع "كيري" قصيرًا، وأحاله إلى  "وليام بيرنز" و"زيا" ليكمل الاجتماع معها. 

أما في ما يتعلق بالبيان الصحفي الصادر عن وزارة الخارجية، فقد كان شديدًا على البحرين، فللمرة الأولى، صرحت وزارة الخارجية الأميركية، أن الحكومة الأميركية تنوي استخدام المساعد العسكري، وغيره من مظاهر العلاقات الأميركية-البحرينية ولدعم نفوذه، كي تحترم الحكومة البحرينية حقوق الإنسان العالمية، وتقوم بتطبيق الإصلاح السياسي الحقيقي. وكانت هذه الصفعة الثالثة في وجه ولي العهد.

لقد استخدم  البيان الصحفي الصادر عن البيت الأبيض، عبارة "العلاقات الأمنية"  مرة واحدة فقط. أما في ما يتعلق بعبارات " حقوق الإنسان العالمية" و"الإصلاح السياسي الحقيقي" فقد استخدمت عدة مرات، مما يظهر تحولًا حقيقيًّا في السياسة الأميركية تجاه البحرين.

سيوفر برنامج "التعليم والتدريب العسكري الدولي" (IMET) التابع لوزارة الخارجية الأمريكية 11.1 مليون دولار للبحرين، وهي مساعدات اعتيادية، تندرج ضمن مجال الدورات التدريبية، لتدريب الطلاب العسكريين، ويُعد برنامج التعليم العسكري المهني، بحسب موقع معهد واشنطن، وسيلة  لتعريف الأفراد من الدول الشريكة على برامج التدريب العسكري الأمريكي. كما يساعد هذا البرنامج أيضاً على إبراز الأهمية التي يوليها الجيش الأمريكي لحقوق الإنسان وسيادة القانون وكذلك السيطرة المدنية على القوات المسلحة.

إن زيارة ولي العهد إلى واشنطن كانت مكللة بالفشل لخلوها من أي مشروع جدي تعول عليه واشنطن، وأن الأفكار التي أتى بها في سبيل التوصل إلى تسوية ما في ما يتعلق بالبحرين، لم تلقَ أي صدى إيجابي في أي من البيت الأبيض، أو مجلس الشيوخ الأميركي، أو وزارة الخارجية، لأنها ببساطة شكلت صدمة لمستوى التفكير الذي لا يرى السياسة إلا من خلال الحديث عن الخدمات والمنح.

لقد ذهب ولي العهد ممثلاً لأبيه نهجاً وموضوعاً في المراوغة والوعود، وكان وجود (عطية الله) العنوان الأبرز لهذا التمثيل الذي لا يحمل حلاً سياسياً بقدر ما يحمل عبئاً سياسياً. فهل ستعول المعارضة على ولي عهد لا يملك مشروع حل؟ وهل سترهن مشروعيتها الممنوحة للنظام عبر ولي العهد من غير شرط أن يحمل مشروع حل مغاير لسياسة أبيه المسدودة الأفق؟ أم أن العد التنازلي لاحتراق آخر ورقة للحكم قد بدأ يتسارع؟


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus