هل السفير الأمريكي في البحرين هو «لودو هود» جديد ؟

2013-06-10 - 3:25 م

جستين غينغلر، الدين والسياسة في البحرين 
ترجمة: مرآة البحرين 

من بين الحلقات الأكثر جيوسياسية في قصة انتفاضة 14 فبراير، كانت قصة لدوفيك هود، الموظف السياسي التعيس في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في المنامة والذي كان قد أخرج من البحرين ( فقط منذ بضعة أشهر في أوائل) أيار/مايو 2011 بعد أن تعرض لهجوم مع عائلته، من قبل الجماعات المؤيدة للحكومة بسبب "تعاونه" المزعوم  مع المتظاهرين. جريمته هي: تقديم كرسبي كريم دوناتس إلى المتظاهرين الذين تجمعوا أمام السفارة الأمريكية في الزنج  لشجب الدعم الأمريكي المستمر لعائلة آل خليفة المحاصرة آنذاك.

هكذا فهم موقف الدبلوماسية الأمريكية آنذاك كما اليوم، محرجة بين الطرفين، لا تقدر على إرضاء أي منهما. فدعمها لحكومة البحرين بالنسبة للمعارضة كثير جدًا، وخيانة لمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وفي الوقت نفسه قليل جدًا بالنسبة للكثيرين في الحكومة ومؤيديها الأكثر احتدامًا، ودليل على الازدواجية في كل من البحرين ومنطقة الخليج على نطاق أوسع فيما يتعلق بإيران مقابل الدول العربية.

وعلى مدى الأشهر التي أعقبت ذلك،  والتوافق النادر بين الحكومة والمعارضة قد يجد مصطلحا على جانبي الجناح السياسي. فقد شنّت الجماعات الموالية للحكومة، التي تلقى رعاية بدرجات متفاوتة من الديوان الملكي، حملات علنية ومستمرة ضد الرئيس أوباما، وضد التحالف الأمريكي الإيراني وحزب الله والوفاق غير المقدس، وضد السفارة الأمريكية في البحرين، وضد المنظمات الأمريكية غير الحكومية، وفي تشرين الأول/أكتوبر 2011، ضد السفير المسمى حديثًا توماس كراجسكي على شكل عريضة جماعية.

من جانبها، ردة فعل جماعات المعارضة كانت أكثر فتورًا، على سبيل المثال، تنظم يوم لحرق العلم الأمريكي (والدوس) عليه في كانون الثاني/يناير 2012. ومع ذلك، فإن المشاعر المعادية لأمريكا حقا غير مفهومة حتى بين الحركات الشبابية الراديكالية، ربما لأن لديها معارك أكثر إلحاحا مع شرطة مكافحة الشغب، وربما، في نهاية المطاف، لأنه لا يزال لديها ثقة أكبر في إرادة وقدرة الولايات المتحدة في الضغط من أجل الإصلاح أكثر من  الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية الأخرى. في الواقع، جدير بالذكر أنه بعد سنتين ونيف من بدء الانتفاضة، لم يكن هناك أي نشاط احتجاجي ملحوظ ضد القاعدة البحرية في الجفير، القوة الأمريكية الأبرز في البحرين، والتي تقع  إلى جانب قرية يغلب عليها الطابع الشيعي.

   
أما بالنسبة لهود، فقد نفت السفارة الأمريكية طرده نتيجة للتهديدات الموجهة إليه. ورغم أن القضية كانت جلية بما فيه الكفاية، إلا أنه يمكن للمرء أن يتساءل ماذا ستكون رد فعل الولايات المتحدة على الهجوم(السياسي) المستمر على السفير الأمريكي الحالي توماس كراجسكي، الذي إن لم يكن مهددًا بالأذى الجسدي فهو معرض ربما لخطر أكبر:  بسبب عدم التعاون الكامل من الجانب البحريني. يمكن للمرء أن يستخلص نبرة هذا النقاش من خلال تعليق مجهول في 29  أيار/مايو في صحيفة أخبار الخليج اليومية. التي تبدأ بعنوان "غطرسة دبلوماسي"  بالإشارة إلى إرسال عريضة مواطن مزعومة إلى الرئيس أوباما،
من "المثير للاهتمام" أن عددًا كبيرًا من المواطنين البحرينيين يريدون على ما يبدو من رئيس الولايات المتحدة، الحليف الحقيقي، إخراج سفير الولايات المتحدة لدى مملكة البحرين وعلى الفور من بلادهم....

وكما جاء في نص العريضة : " لقد فقد ثقة شعب البحرين"، ليكون بمثابة وسيط موثوق به وبالتالي فهو يلحق الضرر بالعلاقات الدبلوماسية الحميمة  (بطريقة أخرى) الموجودة لحسن الحظ بين البلدين....

ومن ناحية أخرى رسالة ما، يقال إنها معروفة لكثيرين، ربما تفرض عقوبات على مستويات عالية! هذه الأمور لا تؤخذ على محمل الجد....

ووفقا للتقارير، فإن السفير قد تودد لجماعات المعارضة -  وهي غزوة دبلوماسية مقبولة تمامًا، ولكن بطريقة ما ينظر إليها على أنها "ظالمة وغير عادلة"....

ولكن القصد هو أن السفير نفسه "أصبح القصة"، بطريقة سلبية، وهذا نادرًا ما يبشر بالخير بالنسبة للعلاقات الثنائية.

تقرير منفصل اليوم في صحيفة غلف ديلي نيوز اليومية  يقدم معلومات أكثر بقليل حول العريضة التي قد تكون رسالة مفتوحة نشرت أوائل هذا الأسبوع من قبل الجماعات السنية الغاضبة بشدة من زيارة غير مناسبة في توقيتها إلى منزل الشيخ عيسى قاسم من قبل المبعوث الأمريكي الخاص إلى منظمة التعاون الإسلامي. كم هو التوقيت سيئ؟  لقد كانت يوم الجمعة، في اليوم نفسه الذي كان فيه احتجاجات ضخمة لاقت الكثير من الترويج لدعم رجل الدين،علاوة على ذلك، قيل إنه في نفس اليوم كان المبعوث يخطط لاجتماع مع الجماعات السنية قبل إلغاء الموعد.

وفقًا لصحيفة غلف ديلي نيوز، فإن منظمي الحملة يطالبون وزارة الخارجية بانتقاد رسمي وكذلك وقفة احتجاجية أمام السفارة في الزنج يحضرها أعضاء البرلمان وآخرون. وحتى الآن، السلطات لم تسمح بهكذا احتجاجات للجماعات السنية (كان لا بد للمتظاهرين ان يرضوا بالطريق السريع المجاور للمجمع)، لذا سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كانت ستتغير هذه السياسة.

بالاضافة إلى ذلك، قيل لي إنه من المقرر أن يزور ولي العهد الأمير سلمان واشنطن الأسبوع المقبل لحضور اجتماعات " رفيعة المستوى ". فعلى الرغم من الدعم الأمريكي في مرحلة ما بعد الانتفاضة للشيخ سلمان، وحقيقة أن الدعم هذا بالضبط هو الذي يمكن أن يفسر الكثير من رد الفعل العنيف الحالي ضد كراجسكي وسياسة الولايات المتحدة في البحرين، فإن المرء يتساءل ما إذا كانت المتاعب المستمرة للسفير سترتفع بزيارة ولي العهد. ففي الوقت الذي يتمتع فيه السفير البريطاني أساسا بالوصول غير المقيد إلى الملك حمد وغيره من أوساط النخبة الحاكمة، والمشاركة عن كثب في العملية السياسية الحقيقية (إن لم تكن متوقفة حاليًا) الجارية في البحرين، فإن فقدان السفير الأمريكي للمنفذ الدبلوماسي و في الواقع النفوذ الدبلوماسي هو مسؤولية ليس فقط من أجلها هي، بل من أجل حليفها الأقرب الشيخ سلمان. وعند مرحلة ما، قد لا يرغب هذا الأخير بالاستمرار في امتطاء مركب محطم.

المرء يدرك أن المشكلة والعامل الذي يميز الجدال الحالي عن جدال عام 2011، هو أن الهجوم على لودوفيك هود والسياسة الأمريكية في ذلك الوقت كان ناشئا من الخوف ومن موقف ضعف سياسي نسبي وعدم يقين. والآن، المرء لديه انطباع بأن القضية بالأحرى هي العكس: أن البحرين، الامنة داخليا، والممتنة إلى حد كبير للبريطاني، لم تعد تحتاج لأن تكون مكترثة جدًا وأن تتحمل الضغط الذي تمارسه عليها راعيتها الغربية الأخرى. أو ربما البحرين ترى انها بالفعل استنجدت بخدع الرئيس الأمريكي.

بشكل عام، يتساءل المرء ما إذا كان السبب هذا نفسه أيضا يعلل رغبة الحكومة النسبية اليوم للانخراط في"الحوار " السياسي مع الجمعيات المعارضة وغيرها من الجهات الفاعلة (رغم أنها عديمة الجدوى)، وهو الأمر الذي كانت تتحاشاه لعامين. أحد التفسيرات هو أن الدولة قررت، أو وقعت تحت ضغط متزايد من قبل المواطنين الذين قرروا، أن النهج الامني ببساطة لم يؤدِ إلى حل، ويجب أن يكون مصحوبًا بعملية سياسية متكاملة.

رؤية بديلة وهو أن تغيير استراتيجية الدولة ليست في المقام الأول انعكاسًا لتوجهات أيديولوجية جديدة أو تحول إلى موقف أكثر اعتدالًا، ولكنه انعكاس لثقتها المكتشفة حديثًا مقابل المعارضة، الجماعات السنة المختلفة التي بدت لبعض الوقت بأنها تشكل معضلة سياسية مربكة محتملة، والمجتمع الدولي. حيث إنه كان يجوز للدولة في وقت سابق ان تكون مترددة في إعادة الانخراط في العملية السياسية لأنها لم تكن على يقين من أنها ستتمكن من الحفاظ على السيطرة على هذه العملية، يبدو أن هذا القلق قد تلاشى.

   
بطبيعة الحال، فإن التفسيرين لا يتعارضان. فهناك إعلان شائع بأن الأسابيع المقبلة لحركة شبابية سنية جديدة قد تقدم فرصة مفيدة لمراقبة التفكير الاستراتيجي للدولة.

مستجدات: يبدو أن السلفيين في البحرين لا يزالون منشغلين بقتال الكفار في سوريا. فبعد التقارير الأخيرة الصادرة عن "استشهاد" نجل إمام مسجد النصف ( والذي، بالمناسبة، يدعو الآن عناصر القوات المسلحة في البحرين لقضاء عطلتهم الصيفية  للجهاد في سوريا)، أبلغت اليوم الجماعات الموالية للحكومة عن وفاة "الشهيد البحريني الثاني".  والبعض الآخر يشجع الجمعيات الخيرية لتمويل "المجاهدين" البحرينيين.

مستجدات 2: في أعقاب انفجار/قصف الليلة الماضية في بني جمرة حيث أصيب سبعة من رجال الشرطة، اثنان منهم في حال الخطر، أصدر السفير كراجسكي شخصيا بيانًا "بشأن العنف في البحرين". البيان  "يدين هذا الهجوم على الشرطة" و "يحث جميع الأطراف إلى بذل كل ما في وسعهم لمنع المزيد من العنف".  فإذا كان هذا لا يكفي  لإشارة ضمنية إلى الوفاق، فهو يخلص إلى القول: "يتعين على جميع شرائح المجتمع البحريني الدعم والمشاركة في الحوار الوطني، وإدانة أعمال العنف والتحريض، والمساهمة في مناخ موات للمصالحة".

مستجدات 3: للمرة الأولى على ما أتذكر، وأنا أتلقى هذه الرسائل منذ عام 2006، أصدرت السفارة الأمريكية في المنامة "رسالة أمنية لمواطني الولايات المتحدة"  ذات طبيعة خطيرة على ما يبدو. الجزء المؤثر منها يحذر،

العناصر المتطرفة من بعض الجماعات المعارضة من مراقبة الأمريكيين والأماكن المعروفة حيث يعيش الأمريكيون او يقضون وقت فراغهم، بما في ذلك الأماكن المرتبطة بالأنشطة الليلية. هذه المرافق والأماكن تشمل، ولا تقتصر على، السفارة الأمريكية، منشآت دعم البحرية، وجامعة البحرين وحي الأمريكان.

ليس لدينا أي معلومات إضافية بشأن الغرض الدقيق من هذا الرصد، ولا أية معلومات بشأن ما إذا كان يمكن استخدامها في أي تهديد في المستقبل للأمريكيين او المصالح الأمريكية، وإذا كان الأمر كذلك، ما الذي يمكن أن يترتب على توقيت، أو هدف، أو مكان، أو أسلوب هكذا تهديد.

مستجدات 4: فيما يتعلق بموضوع سفراء الولايات المتحدة في البحرين، وفي حال غاب عنك هذا كما حصل لي، هناك مقال في صحيفة فورين بوليسي من نيسان/أبريل بقلم المبعوث الأمريكي السابق (2001-2004) رونالد نيومان. بعنوان، وبلا سخرية، "أصدقاؤنا في المنامة".

مستجدات 5: مرآة البحرين بثت وعلى مراحل تقارير على شبكة الانترنت لوفاة مقاتل بحريني خامس في سوريا. فماذا سيحصل إذا / عندما يعود هؤلاء الرجال إلى البحرين؟

30 أيار/مايو 2013 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus