أراد حريته... فاستقال من منصبه

2013-06-13 - 6:50 ص


دارا غانتلي، آيرش مديكل تايمز
ترجمة: مرآة البحرين 
ذا كان الثمن الذي ستدفعه الكلية الملكية للجراحين للبقاء في البحرين هو الامتثال للسلطات البحرينية، فعليها أن  تتنازل عن جوهر التعليم العالي، صرح بذلك الرئيس السابق للكلية الملكية للجراحين في البحرين.

وكان البروفيسور توم كولينز - الذي استقال في وقت سابق من هذا العام من الكلية عقب إلغاء مؤتمر حول أخلاقيات مهنة الطب - يتحدث في جامعة دبلن في مؤتمر حول استخدام الغاز المسيل للدموع كسلاح يستخدم من قبل الشرطة في هذه الدولة الخليجية،  باعتباره عضوًا جديدًا في المجلس الاستشاري لمنظمة برافو،  المنظمة البحرينية للتأهيل ومناهضة العنف.

وكان من المقرر عقد مؤتمر أخلاقيات مهنة الطب في البحرين في 10 و11  نيسان/أبريل  لمناقشة التحديات التي يواجهها الطاقم الطبي في ظروف غير مستقرة سياسيًا - والذي تنظمه منظمة أطباء بلا حدود وتشارك في رعايته الكلية الملكية للجراحين.  وكشفت منظمة أطباء بلا حدود  أنه تم إلغاؤه بسبب عدم وجود تأكيدات من السلطات، وقال البروفيسور كولينز للجمهور في جامعة دبلن الأسبوع الماضي أنه على الرغم من تأكيدات ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة أنه بالإمكان المضي قدما بالاجتماع، إلا أن السلطات ألغته.
وكان الرئيس المؤقت السابق لجامعة ماينوث الوطنية قد انضم إلى الكلية الملكية للجراحين في البحرين في تشرين الاول/أكتوبر 2011،  فقط بعد أسابيع من نشر الكشوفات في آي أم تي بأن الطلاب أجبروا على قسم يمين الولاء للعائلة المالكة البحرينية والتوقيع على بيان عدم الاحتجاج -  وهي الإجراءات التي اعتذر عنها وبلا تحفظ البروفيسور كثل كيلي المدير التنفيذي للكلية الملكية للجراحين.

سلسلة  الأعمال الوحشية

متحدثا لأول مرة عن الفترة العصيبة التي قضاها في البحرين، ذكر البروفيسور كولينز كيف تولى منصه بقليل من التفاؤل مرة أخرى في عام 2011. وبحلول شهر تشرين الثاني/نوفمبر من ذلك العام، تم نشر تقرير لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق (أو تقرير بسيوني)، الذي فهرس ووثّق سلسلة من الأعمال الوحشية والتعذيب التي قامت بها القوات الحكومية ضد المتظاهرين.

"شعرت أنه إذا كانت البلاد قادرة على نشر تقرير كهذا، فإنها قادرة على القيام  بانطلاقة جديدة"، قال البروفيسور كولينز، الذي سرعان ما أدرك أن الحكومة كانت تتبنى نهجًا أمنيًّا في التعامل مع ما يراه مشكلة سياسية.

"تقرير بسيوني يمثل فرصة هائلة للبحرين، التي أدارت السلطات فيها ظهرها له".
وقال البروفيسور كولينز أنه كان ينبغي منح عفو عام لكل السجناء الذين أدينوا أو سجنوا دون محاكمة ناشئة عن المشاكل كـ "خطوة أولى" منذ نشر تقرير بسيوني. وقال بأنه يعتقد أن هناك حاجة إلى لجنة دولية لمعالجة المشاكل التي تواجه البلاد.

وأضاف  أنه بدلا من ذلك، اختارت السلطات البحرينية الاعتماد على "القمع العنيف"، واعتقدت أنه بامكانها أن تحل المشاكل عند "مستوى مقبول" دون أي تحرك نحو التحول السياسي.

موقف الصمت

وأوضح البروفيسور كولينز أنه توصل إلى استنتاج في وقت مبكر جدًا بأن الصمت لم يكن موقفًا مقبولًا. "ليس هناك سبيل في مجتمع منقسم بأن يكون هناك منظمة يمكن ان تكون غير سياسية. كل عمل هو عمل سياسي، والصمت هو تصريح سياسي عميق جدًا".

وفي حين أنه اعتقد أن الكلية الملكية للجراحين كانت "عاجزة بشكل غير عادي" في البحرين، وباعتبارها "مؤسسة أجنبية متواضعة" نسبيًا،  لم يعفها هذا من تحمل مسؤولياتها، وعلى وجه الخصوص التمسك بما أسماه "هدفها الأخلاقي" في جوهره. " الهدف الأخلاقي الرئيسي هو الحرية الأكاديمية - وحرية التعبير. وهذا هو الغرض الأخلاقي الأساسي في أية مؤسسة للتعليم العالي".
كمؤسسة أكاديمية، رأى أن السبيل الوحيد الذي يمكن للكلية سلوكه لمعالجة هذه المخاوف هو عقد مؤتمر - بالتعاون مع منظمة أطباء بلا حدود - يهدف إلى إقامة منتدى لمعالجة بعض هذه القضايا. الاجتماع كان من المقرر أن يكون  تحت عنوان "الأخلاقيات الطبية ومعضلات مناطق الخلاف السياسي أو العنف".

وفي حين أن البروفيسور كولينز يؤمن بوضوح أن المشكلة في البحرين هي مع الحكومة، فإن واحدة من الطرق التي تتجلى فيها هي انهيار ثقة الجمهور بنظام الصحة، والتي نشأت مما أسماه "عسكرة" النظام الصحي، الذي   يدار في أغلبيته الآن من قبل قوة دفاع البحرين. ويعتقد ان الخدمات الصحية المحلية في حاجة إلى مقرر دولي.

" طلبنا من نوالا أولوين، أمين المظالم السابق في الشرطة في آيرلندا الشمالية، عقد مؤتمر الأخلاقيات الطبية لمعالجة مسألة بناء الثقة في المؤسسات"،  أشار الرئيس السابق للكلية الملكية للجراحين في البحرين، والذي عبرعن أسفه لحقيقة إخبارهم إلغاء عقد الاجتماع.
في بيان لها في أواخر آذار/مارس، قالت الكلية الملكية للجراحين في دبلن أنه تم النظر في منصب البروفيسور كولينز في البحرين منذ فترة، وبتأخير النهوض بالمؤتمر، "قرر بأن الآن هو الوقت المناسب له للتنحي". في الواقع، قال البروفيسور كولينز: إنه خلال الأسبوع الأول من وصوله، وبعد أن بدأ قراءة وسائل الإعلام المحلية، أدرك أن الأطباء الذين تم اعتقالهم كانوا يعانون محاكمة وإدانة من قبل وسائل الإعلام، وأنه في آيرلندا تم طرح هذه القضية فقط على أساس التغطية وحدها. وأضاف انه استغرب بأن السلطات البحرينية لم تفرج عن الطواقم الطبية لأنهم كانوا مصدرًا من مصادر الضغوط الدولية.

زيارة الاعتماد

وفي الوقت نفسه، أول مرة تطلب فيها الكلية الملكية للجراحين الاعتماد الدولي - من المجلس الطبي الآيرلندي – كان في عام 2010، وأوضح البروفيسور كولينز أنه كان من المقرر للمجلس القيام بزيارة في نيسان/أبريل 2011 - بعد شهرين فقط من بدء الاضطرابات. وعلى المجلس اليوم إرسال فريق الاعتماد وليس لديه خطط للقيام بذلك في عام 2013.

"الشيء الذي لا تطلبه البحرين بإلحاح هو الرقابة الدولية. سوف تبذل جهود كبيرة من أجل منع الحكومات الخارجية، واللاعبين الخارجيين من إعداد تقارير تخص البلاد"، أشار رئيس الجامعة السابق، الذي ادّعى أنه يمكن للمجلس الطبي فعلًا وبشروط أن يفوض الكلية إذا رغبت.
لذا مع انسحابه شخصيًّا من البحرين، هل ينبغي للكلية الملكية للجراحين أن تحذو حذوه؟  لا يعتقد البروفيسور كولينز أنه ينبغي ذلك، لعدد من الأسباب. وأشار "ذلك يخلق اهتمامًا للعالم بشأن البحرين نفسها". ولعله من الصحيح القول إن هذا المؤتمر قد لا يأخذ مكانه بطريقة منحرفة إذا لم يكن الأطباء الآيرلنديين  قلقين للغاية... وأن جزءًا منها كان جزء من الكلية الملكية للجراحين.

"وأنا أيضا أعي أن هناك 150 موظفًا، و 1,100 طالب. من أصل 1,100 طالب،  40  بالمئة من طلاب الطب بحرينيون، و 100  بالمئة من الممرضات والممرضين بحرينيون. لذلك اعتقد أنها جزء مهم من البنى الاساسية ".

واليوم يصر على أنه لا يمكن للكلية البقاء في البحرين إذا كان ثمن ذلك هو التنازل عن جوهر مشروع التعليم العالي. "هل يمكنها أن تكون هناك وغير مذعنة؟ ربما يمكنها ذلك، ولكن من أجل القيام بذلك، فإنها تحتاج إلى  "الغطاء المباشر".
"الغطاء المباشر" العالمي

اقترح البروفيسور كولينز حلا أكثر عالمية يكون فيه "غطاء مباشر" من المؤسسات الدولية الأخرى لمؤسسات التعليم العالي من شأنه أن يدعم الكلية الملكية للجراحين في البحرين في موقفها الصعب مع الحكومة. "هناك حاجة إلى وجود اتفاق عالمي دولي، كما يبدو لي، بشأن مؤسسات التعليم العالي العاملة ضمن أنظمة قمعية. إنها قضية أكبر من الكلية الملكية للجراحين – وهذا لا يُعفي الكلية الملكية للجراحين من مسؤوليتها ".

وأعرب أيضا عن اعتقاده بأن السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا متواطئة في ما يجري في البحرين.

"ما نحتاجه هو نقاش واتفاق بين مؤسسات التعليم العالي في جميع أنحاء العالم - وخاصة مؤسسات التعليم العالي في الغرب - حول الكيفية التي يمكن من خلالها التوفيق بين قيم الحرية الأكاديمية والحرية الشخصية وحرية التعبير مع الأنظمة التي تعيش في ظلها ".
10 حزيران/يونيو 2013 




التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus