في البحرين.... الانتماء الوطني ليس خبزًا

2013-06-27 - 12:55 م

بسمة مومني، بروكينغز

ترجمة: مرآة البحرين

الرئيس الأمريكي باراك أوباما يجتمع مع ولي العهد الأمير سلمان في البيت الأبيض، وقد صرح بمطالب جريئة: "إصلاح ذو مغزى، الحوار واحترام حقوق الإنسان العالمية هو السبيل الأفضل لتحقيق السلام والأمن لجميع المواطنين البحرينيين". المصلحة في هذه المملكة الصغيرة ضيقة وكثيرًا ما تقلق الناس.. وخاصة عندما حُجبت الاحتجاجات البحرينية 2011 بثورات ليبيا، واليمن، ومصر. وقد اندهش بعض القادة والمحللين عندما سحق العسكر بقيادة سعودية المتمردين في البحرين – مما عمل على تهدئة معظم الاحتجاجات على نحو فعال، ولكنها وبكثير من الغضب والاستياء أصبحت سرية. فلماذا شهدت البحرين احتجاجات عام 2011 ولماذا يتواصل هذا الإحباط إلى اليوم؟

إلا أن المظاهرات في البحرين، تحيرنا في تحليل لماذا الشعب في هذا البلد الذي تعداد سكانه أقل من مليون نسمة ومتوسط دخل الفرد فيه 40 ألف دولار في السنة، وهو متوسط يتجاوز ما يحصل عليه المواطن النمساوي، نزل إلى دوار اللؤلؤة للتعبير عن سخطه.  البحرين ليست بدرجة فساد مصر أو تونس. فالبحريني العادي، سنيًا كان أو شيعيًا، ليس فقيرًا مثل أشقائه العرب المصريين وغيرهم.  فلماذا نرى الآلاف من الناس في شوارع المنامة يدعون إلى التغيير؟

في البحث عن تفسيرات، قال العديد من المحللين إن الاحتجاجات البحرينية يمكن تفسيرها بالانقسامات الدينية بين السكان الشيعة الأكثرية والعائلة المالكة السنية. وهذا أمر تبسيطي أيضا. الجواب يكمن في بحث المتظاهرين عن القبول الوطني. العائلة المالكة البحرينية تحتاج لأن تعترف بأن أغلبية شعبها لا يشعرون بأنهم ينتمون إلى الدولة.  الشيعي في البحرين ينظر إليه بعين الريبة والخوف، وعلى أنه "الطابور الخامس" في البلاد.

منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران، والعرب في الشرق الأوسط يركزون اهتمامهم على صعود الفكر الشيعي والإسلام السياسي. هذا الخوف من "الهلال الشيعي" كان في بعض الأحيان يستند على اشتباه لا أساس له بأن العرب الشيعة أكثر ولاءً لإيران من إخوتهم في الدين. وهي القضية التي تشكل عواقب وخيمة على الوحدة الوطنية وتصورات الانتماء الوطني. لإحداث الوقيعة الطائفية وإدامتها في بلد ما بحثًا عن تكثيف السيطرة ممارسة عقيمة في إضعاف الشعب.

كان هناك أمل كبير بأن يجنب الملك حمد بن عيسى آل خليفة شعبه هذه الانقسامات لتعزيز الوحدة الوطنية الحقيقية. ولسوء الحظ، يحتاج الملك أيضا أن يوجد الوحدة في عائلته وأن يوجد الخطاب الوطني الذي ستدافع عنه البحرين في السنوات المقبلة. أصبح رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة مثالًا لحركة المحافظين في العائلة المالكة، ولذلك طالب المتظاهرون باستقالته. الملك يحتاج إلى إقناع هذه العناصر المحافظة داخل العائلة المالكة بأن البحرين تكون أقوى عندما تعطي الإصلاحات السياسية غالبية شعبها الشعور بالانتماء للدولة التي سموها وطنًا لعدة قرون.

منذ عقد من الزمن، أحدثت العائلة المالكة خطوات ملحوظة نحو دستور جديد وإجراء انتخابات. هذه المصالحة الوطنية تعمل على تهدئة هذه المشاعر والتصورات. ولكن مع اتهامات الغش الانتخابي في مناطق التصويت الشيعي في العام الماضي، فإن غالبية الشعب البحريني يرى أن العائلة المالكة عادت لتكتيكاتها المعتادة في إنكار التحرر السياسي للجماهير. وعلاوة على ذلك، راح البرلمان ينفذ الأعمال التي تتداول سياسات البلد، وبقي الخطاب بين الأطراف المنقسمة سطحيًا وغير منتج. الكثير من المزاح البرلماني يمكن تفسيره برفع المظالم القبلية والطائفية  للبرلمان. وبدلا من التركيز على مناقشة قضايا ذات أهمية وطنية، راح البرلمان يناقش القضايا المملة. وكما استدركت وثائق ويكيليكس الأخيرة، على سبيل المثال، "... عندما شعروا بالبوادر الأولى لزلزال الأزمة المالية العالمية هنا [في البحرين]، هرع النواب لإدانة الأداء المقرر للمغنية اللبنانية  هيفا وهبي، ومناقشة التأثير الضار للسحر، والتعهد بحظر لحم الخنزير والكحول".

وكان البرلمان البحريني، وعلى الرغم من الآمال الكببرة للكثيرين في جميع أنحاء المنطقة باعتباره أولى المؤسسات الديمقراطية الضرورية في المنطقة، قد فقد ببساطة  مصداقيته في أعين الناس. حركة حق الشيعية، التي احتجت على العملية البرلمانية، أصبح لها شعبية متزايدة عندما تعثرت العملية البرلمانية. العام الماضي، رد فعل الحكومة البحرينية تجاه هذه الحركة الشعبية أدى إلى تنفير إضافي لأتباعها من خلال اعتقال زعيمها حسن مشيمع وغيره الكثيرين في مؤامرة مزعومة للإطاحة بالحكومة. قضية مشيمع وغيره كانت مليئة بالاتهامات الباطلة والمبالغات، والإيحاءات السياسية الفاضحة.

بالنسبة لشباب البحرين، على وجه الخصوص، فقد أصبح متحررًا من وهم ما يمكن أن تقدمه السياسة. العمل داخل النظام البرلماني يبدو غير مجدٍ وأحيانا هزليًا. الانتفاضات في العالم العربي دفعت البحريني الشيعي لاستخدام خيار الشارع بدلًا من النظام البرلماني. الشباب الذي نزل إلى دوار اللؤلؤة في منتصف شباط /فبراير عاد مرة أخرى في الأسابيع القليلة الماضية، وطالب بالإصلاح السياسي، والكرامة، والاعتراف به كمواطن بحريني له الحق في المشاركة في مستقبل بلده. الشباب البحريني الذي ظهر للمرة الأولى في دوار اللؤلؤة لم يضع مطالبه في خانة  الطائفية. ولكن رد الحكومة وللأسف الكثير من السنة البحرينيين كان رؤية هؤلاء المتظاهرين من حيث الانقسام بين السنة والشيعة. ثم، ومما زاد الطين بلة، الحكومة البحرينية استخدمت المرتزقة من العرب السنة في محاولة لإخماد المظاهرات. وربما بتأثير من العناصر المحافظة في العائلة المالكة، ردت الحكومة البحرينية باستخدام القوة العنيفة في التعامل مع المحتجين. الاعتقالات والمحاكمات المخزية للأطباء الذين عالجوا المحتجين تتواصل بتعكير نهج الحكومة البحرينية في المضي قدمًا.

على النظام الملكي البحريني إيجاد وسيلة لتعزيز الانتماء الوطني واحترام جميع مواطنيه. النموذج البحريني يمكن أن يكون شهادة إيجابية للتغيير في الشرق الأوسط شريطة أن يرتكز على المفاوضات الصادقة، والاصغاء، والحل الوسط، وحب الوطن.

 

6 حزيران/يونيو 2013 

رابط النص الأصلي 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus