إبراهيم شريف: ليس من الحكمة وضع قطاع النفط في يد أجنبية .. وما تحصل عليه الحكومة من ربح تدفع عشرة أمثاله دعما لبابكو

2025-04-16 - 6:09 م
مرآة البحرين : ناقش الخبير الاقتصادي والناشط السياسي إبراهيم شريف مجموعة من التساؤلات الهامة حول التصريحات التي أدلى بها وزير النفط محمد بن دينة والرئيس التنفيذي لشركة بابكو للتكرير عبدالرحمن جواهري، وذلك خلال جلسات مجلسي النواب والشورى في 24 و29 ديسمبر 2024. هذه التصريحات جاءت في وقت حساس يتعلق بمستقبل قطاع النفط في البحرين، وخاصة مع الحديث عن خصخصة شركة بابكو التي تعتبر من الركائز الأساسية للاقتصاد البحريني.
وأوضح الوزير جواهري أن بابكو إنرجيز (الشركة الأم/القابضة) تقوم باستيراد 40 ألف برميل من النفط الخام يومياً من حقل البحرين بسعر "دولي" بالإضافة إلى النفط الذي يتم استيراده من أرامكو السعودية. كما ذكر الوزير أن شركة بلاك روك، التي يترأسها لاري فنك، قد اشترت حصة بنسبة 0.1% من أسهم بابكو بعد استثمار 400 مليون دولار، الأمر الذي أثار تساؤلات عديدة حول مدى شفافية هذا الاتفاق والجهات التي يمكن أن تؤثر في مستقبل الشركة.
وذكر الجواهري فيما يتعلق بالأمور المالية، أن بابكو تتحمل قروضاً ضخمة تبلغ حوالي 3.5 مليار دولار، ولكنها قادرة على سداد هذه القروض بدون الحاجة إلى مساعدة الدولة. لكنه أضاف أن الحكومة البحرينية ما زالت تقدم دعماً ضخماً للشركة، خاصة في شكل بيع النفط الخام لشركة بابكو بسعر رمزي لا يتجاوز دولاراً واحداً للبرميل، مع إضافة تكلفة الاستخراج. وهو ما يعد دعماً مباشراً قد يصل إلى مليارات الدنانير سنوياً.
ورغم أن بابكو تحقق أرباحاً سنوية، فإن الدعم الحكومي المقدم لها عبر بيع النفط بسعر رمزي يظل مرتفعاً بشكل كبير. ففي عام 2021، وصل الدعم الحكومي للشركة إلى 306 مليون دينار، بينما في عام 2022 بلغ الدعم 467 مليون دينار. لكن، في الوقت نفسه، اكتفت بابكو بتوزيع أرباح أقل بكثير على الحكومة البحرينية، حيث تم توزيع 24.3 مليون دينار فقط في عام 2023 رغم الأرباح القياسية التي حققتها في 2022.
ومن ناحية أخرى، تناول إبراهيم شريف الحديث عن كلفة تحديث مصفاة النفط في البحرين، مشيراً إلى أن تحديث المصفاة القديمة سيسهم في تحسين كفاءتها وزيادة إنتاجها بنسبة 50%. ورغم أن التوقعات الأولية كانت تشير إلى تكلفة قدرها 4.2 مليار دولار، إلا أن المشروع تأخر لثلاث سنوات وارتفعت تكاليفه بنسبة 67% ليصل إلى أكثر من 7 مليار دولار، مما يثير تساؤلات حول جدوى الاستثمار في مثل هذا المشروع الكبير. ويشير شريف إلى أن الحكومة البحرينية قد تضطر إلى تحمل تكاليف إضافية نتيجة زيادة الفوائد السنوية على القروض المترتبة على المشروع، والتي قد تبلغ 250 مليون دينار سنوياً.
وواحدة من النقاط التي أثارت جدلاً هي تصريح وزير النفط بشأن بيع حصة في شركة أنابيب النفط السعودية البحرينية (SBPC) لشركة بلاك روك، حيث قال الوزير إن الشركة قد استثمرت 400 مليون دولار لشراء حصة 0.1% من أسهم بابكو. هذه التصريحات كانت غامضة ولم تلقَ تغطية إعلامية كافية، مما دفع شريف إلى التشكيك في نوايا الحكومة وراء هذه الخطوة، وطرح السؤال المهم: "هل هذه الخصخصة تأتي من أجل زيادة الكفاءة أم لتوفير السيولة لخزانة الدولة؟"
ويطرح شريف تساؤلاً جوهرياً حول الهدف من خصخصة قطاع النفط، قائلاً: "هل الخصخصة تهدف إلى تحسين الكفاءة وجذب أفضل الخبرات العالمية، أم أن الهدف هو توفير السيولة اللازمة لتمويل مشاريع الدولة؟" وهو يشير إلى أن البحرين في الماضي كانت قد تأممت قطاع النفط لأسباب استراتيجية، لكن اليوم تتحول نحو خصخصته لأسباب مالية قد تكون غير مدروسة بعناية.
ويؤكد شريف أن البحرين بحاجة إلى إعادة التفكير في استراتيجية الخصخصة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمورد أساسي ومهم مثل النفط. فالمستقبل الاقتصادي للبحرين يعتمد على استدامة هذا القطاع، ومن غير الحكمة أن يتم التفريط في هذه الثروة لصالح شركات أجنبية تسعى لتحقيق أقصى ربح في أقصر وقت ممكن، مما قد يؤدي إلى تراجع في حقوق العمالة البحرينية وضعف في الأجور المحلية.
ولفت إبراهيم شريف النظر إلى تجارب البحرين السابقة مع خصخصة بعض القطاعات الأساسية مثل الكهرباء والموانئ، والتي أدت إلى انخفاض في عدد العمالة البحرينية لصالح العمالة الوافدة، إضافة إلى خفض الأجور في هذه القطاعات. ويطرح سؤالاً مهماً: "هل البحرين مستعدة لبيع 'الوزة التي تبيض ذهباً'، أي قطاع النفط الذي يعتبر من أعمدة الاقتصاد الوطني؟"
وفي ختام منشوره، يدعو شريف إلى ضرورة إجراء نقاش عام حول خصخصة قطاع النفط، يشارك فيه المختصون والمواطنون، ليتم التوصل إلى قرار يتوافق مع مصلحة البحرين على المدى الطويل، ويجنب الدولة تبعات قرار قد يؤدي إلى فقدان السيطرة على مصدر دخلها الرئيسي.
- 2025-04-27ستاندرد آند بورز تخفض النظرة المستقبلية للبحرين إلى "سلبية" بعد شهرين من تحذير "فيتش"
- 2025-03-16أحمد رضي: كيف سيحمي المواطن نفسه عندما تتجاوز الأسعار قيمة الدعم الممنوح؟
- 2025-03-079 جمعيات سياسية ترفض خطط الحكومة لتحقيق فائض في الميزانية العامة: ضربة قاسية تفاقم الأزمات
- 2025-02-27تقرير لوكالة "فيتش" ينحدر بتصنيف البحرين إلى سلبي في ظل تصاعد ديونها
- 2023-06-22شركة"ممتلكات" البحرينية تشتري من السعودية حصة في "مكلارين" بأكثر من نصف مليار دولار