تفاؤل حذر من شهر محرم المقبل ومطالب لا تزال معلقة

عباس الجمري - 2025-06-13 - 1:07 ص
مرآة البحرين : أفهم أن السلطات المختلفة في هذا العالم تقوم بقمع احتجاجات واتخاذ إجراءات تعسفية تجاه مُكونٍ ما بغية قمعه وإفشال مطالباته وإن كانت مُحقة، أقول أفهم بمعنى استوعب الأسباب، لا بمعنى أبررها، فكل قمع لمطالب سلمية هو تعسف ظالم وغير مقبول، وانطلاقاً من ذلك الفهم يتولد سؤال: لماذا الإجراءات التعسفية التي طالت شهر محرم خلال السنوات الأخيرة وقد جرت من دون أن يكون هناك أي حراك سياسي مزعج للسلطة في البحرين؟
ففي السنوات الأخيرة مُنع عدد من الخطباء من المجيء للبحرين، كما استدعي العديد من خطباء الداخل والرواديد للتحقيق الأمني ، بل واستدعي عدد من مسؤولي المآتم وهُددوا بغلق مآتمهم إذا لم تجر المجالس بطريقة بعينها، أحد تلك المآتم انتُقد على منبرها يزيد، فكانت تلك تهمة تستحق الاستدعاء والتهديد.
إذن نحن أمام سلوك انتقامي، وليس سلوك ديكتاتوري اعتيادي، وهذا السلوك قد ينخفض أو يصعد بحسب المزاج الأمني، بمعنى، أن ليس ثمة قواعد مفهومة تحكم هذا السلوك وتنظم طريقته.
وبالتالي؛ فإن شهر محرم المقبل قد يمر بطريقة سلسلة يمارس فيه المكون الشيعي شعائره بطريقته الحزينة المتوارثة من مئات السنوات، أو قد يواجه الموسم المقبل عرقلة من قبل السلطة بحكم السلوك المشار إليه.
التراث البحريني المنصف، يؤكد على وجود تآلف جميل في إحياء عاشوراء، وكان الكثير من الطائفة السنية يزورون المآتم في سابق عهد هذا البلد الجميل، الذي لوثته الطائفية السياسية، وبمعية تراث مشهود في هدوئه وجماله، ثمة تعويل على وجوه الطائفة الشيعية، المعروفين بحنكتهم ورتمهم الهادئ، وانحيازهم للسلم الأهلي، بهذه المعية، يروم البحرينيون إلى وصول شهر محرم -الذي تفصلنا عنه أيام- بكل أريحية، ومن دون مضايقات أمنية لا معنى لها سوى التشويش وإرهاق المواطنين.
في عام 2021 أصدر مركز البحرين لحقوق الإنسان تقريرا بعنوان: عاشوراء في البحرين: التزام شعبي بالاحترازات وتضييق حكومي بذريعة الاحترازات، رصد فيه عددا من التجاوزات وتكررت تلك التجاوزات بوتيرة متباينة في السنوات التي أعقبت ذلك العام، وتتلخص التجاوزات في:
- إزالة الرايات الحسينية والمظاهر العاشورائية في مناطق عديدة قرى ومدن البحرين من بينها (بني جمرة، مدينة حمد، دمستان، المالكية، عالي، المصلى، الديه، البلاد القديم، السهلة، سترة، رأس رمان، الماحوز).
- اعتقال مجموعة من الأفراد على خلفية قيامهم بتركيب اللافتات العاشورائية واعتقال منشدين من ثم الإفراج عنهم بغرامة مالية.
- استدعاءات لعدد من الأفراد على خلفية مشاركتهم في إحياء مجالس عاشوراء، ومن ثم إخلاء سبيلهم مقابل غرامة مالية.
- استدعاء منشدين وخطباء شيعة على خلفية محاضرات أو قصائد تضمنت ما اعتبرته السلطة تجاوزًا، ومن بينهم (الشيخ محمد الرياش، المنشد حسن نوروز، الشيخ محسن الجمري، المنشد سيد أحمد العلوي، المنشد جعفر الدرازي).
- تهديد مباشر لرؤساء المآتم والمجالس الحسينية في (المصلى، المقشع، مدينة حمد، سلماباد، كرزكان) لمنع خروج العزاء خارج نطاق المأتم، واستدعاء رؤساء المآتم التالية واعتقالهم (الإمام علي في منطقة الدير، هيئة مواكب الدير) قبل الإفراج عنهم في وقت لاحق.
أما في عام 2023، فقد أصدرت ثلاث منظمات حقوقية، وهي: منظمة سلام للديمقراطية، ومنتدى البحرين لحقوق الإنسان، ومركز الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان، تقريرا بعنوان: عاشوراء البحرين (ترهيب وتقييد أمني .. وتهميش إعلامي)، ذكرت فيه العديد من التجاوزات الحقوقية، وختمتها بتوصيات، وهي:
1- يجـب علـى الحكومة البحرينيـة احتـرام وحمايـة حقـوق الإنسان المتعلقة بحرية الأديان والتعبير عن الرأي وحق المشاركة في الفعاليات الدينيـة والالتزام بالمعايير الحقوقية الدوليـة المعنية.
2- يجـب علـى السـلطات البحرينيـة التوقـف عـن تقييـد حريـة السـفر والتنقـل للوافديـن للمشـاركة في فعاليـات موسـم عاشـوراء بسـبب معتقداتهـم الدينيـة او جنسـيتهم.
ً 3- ينبغي أن تلتزم السلطات بمبدأ عدم اعتقال الأفراد تعسفيا بسبب مشاركتهم في فعاليات موسم عاشوراء أو أي نشاط ديني مشروع آخر.
4- يجـب علـى الحكومة البحرينيـة السـماح للمواطنين بممارسـة حقهـم في التجمـع السـلمي والمشاركة في الفعاليـات الدينيـة دون تدخـل أمنـي غيـر مبـرر.
5- يجـب حمايـة المظاهر الدينيـة المتعلقة بموسـم عاشـوراء وعـدم السـماح بـأي تعـدي أو تخريـب لهـذه المظاهر.
6- ينبغـي مراجعـة التشـريعات ذات الصلـة لضمـان لضمـان حمايـة حقـوق حريـة الديـن والمعتقد والتعبيـر عـن الـرأي والتجمـع السـلمي.
7- ينبغـي مراجعـة السياسـات اإلعالميـة وضمـان حصـول جميـع الأطياف الدينيـة علـى تغطيـات إعلامية في وسـائل الإعلام الرسـمية والمدعومة مـن الحكومة.
و للأسف لم تستجب حكومة البحرين لهذه النداءات، واستمرت التجاوزات، وتتكرر تلك التصرفات تجاه الشعائر الدينية في مناطق وبطرق مختلفة، وبادعاءات مُخترعة، الأمر الذي يدفع الناس بالتوجس والحذر هذا العام، رغم التفاؤل الحذر.