رحلة عادل فليفل إلى الله: من وسام "سي آي ايه" الذهبي إلى إرهابي

2014-04-24 - 7:18 م

مرآة البحرين (خاص): في أكتوبر/ تشرين الأول 2013، دعا العقيد الأمني السابق بوزارة الداخلية، عادل فليفل، أنصاره إلى التجمع أمام منزل السفير الأميركي في المنامة، توماس كراجيسكي، متوعداً بـ"تطبيق الواجب الديني" عليه في حال استمرّ في ما اعتبره "أذى للمسلمين".

فليفل الذي أسدل لحيته مؤخرا، كما ظهر أكثر من مرّة خطيباً في المساجد والتجمعات محرّضاً على الولايات المتحدة، وعلى الشيعة، يعرف تماماً ماذا يقصد حين يقول "تطبيق الواجب الديني".

ففي خطبة له بتجمع أقامه لأتباعه هذا الشهر ابريل/ نيسان بمنزله الواقع على مسافة أمتار قليلة من منزل السفير الأميركي بمنطقة سار غربي المنامة، اختار أن يبدأ حديثه بالآية التالية من القرآن الكريم: "يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم".

إنه يلعب لعبة التنظيمات الجهاديّة نفسها المتمثلة في استنفار المخزون القرآني بشكل انتقائي ذرائعي، للتحريض على قتال الولايات المتحدة.

لم يخف فليفل في الخطبة نفسها بأن مسئولين في الدولة يتهمونه بالانتماء إلى تنظيمات إرهابية، مثل "القاعدة" و"داعش". ليصل إلى تكرار العبارات المملة حول ما أسماها "قوى الكفر الصليبية بقيادة أمريكا التي تزحف إلى بلادنا"، حاملاً بشدة على "المنافقين السنة" الذين وقفوا مع الولايات المتحدة، وداعياً إلى مقاومتها.

يبدو فليفل في "اللوك" الجديد نسخة "طفوليّة" مركبة من نوعين متضادّين من السلفية. إنه يريد مقاتلة الولايات المتحدة بـ"استنفار المؤمنين" و"النفير" معهم، مستنداً إلى الميراث الخطابي لجماعات الجهاد العالمي، لكنه في الوقت نفسه يعود ليأخذ من السلفية المدجّنة والموالية للحكومات، خطابها حول "طاعة ولي الأمر".

لكن معرفة ذلك ليست كافية لفهم شخص "قابل لأن يتطوّر"!

إن فليفل يعدّ مثالاً جيداً لتاريخ تطوّر الجماعات الجهادية في أفغانستان، حيث ظلت علاقة "سي آي إيه" بإنشاء تنظيم القاعدة لاستنزاف الاتحاد السوفييتي في الثمانينات، تهمة تلاحق التنظيم الأكثر تشدداً في العالم، قبل أن يتحول مع الوقت إلى استنزاف الولايات المتحدة نفسها.

تبدو مسيرة التطور "الدارويني" لفليفل شبيهة بذلك إلى حد ما. لقد قاد فليفل جهاز الاستخبارات البحريني خلال فترة الطواريء التي أعقبت حل برلمان 1975. لقد مثل السلطة الحديدية لرئيس الوزراء العجوز خليفة بن سلمان، لكنه مثّل من جانب آخر أيضاً "رجل" الولايات المتحدة التي كانت ترى مصلحة في سحق الشيوعيين والتيار السياسي الشيعي الذي تنامى دوره فيما بعد، مع صعود "الخمينية" في إيران؛ بل أنه حاز وسامها.

فقد صرحت زوجته، رجاء محمد شريف، في حوار معها (13 سبتمبر/ أيلول 2002) رداً على إقالته من وزارة الداخلية واضطراره إلى الهجرة المؤقتة إلى استراليا بعد ملاحقته ماليا، بأن "وكالة المخابرات الأمريكية «سي. آي. إيه» منحت فليفل نظير كفاءته في أداء عمله كعقيد في جهاز الأمن، وساماً ذهبياً".

وقالت إنها "لاتمانع في نشر صورة للوسام الذي حصل عليه خلال التسعينات وزميلين له فقط، بعد أن يأذن بذلك زوجها".

بدوره، فقد أكد فليفل نفسه ذلك في حوار معه بالقول "إنها كانت ميدالية تقدير من المخابرات المركزية الأمريكية نظير خدماته في قمع الحركة الاسلامية الشيعية أثناء فترة عمله في جهاز الأمن".

إن هذا الاعتراف استدعى رداً من سفارة الولايات المتحدة في المنامة التي اعترفت بذلك في بيان (26 سبتمبر/ أيلول 2002)، لكنها هوّنت من الأمر قائلة إن الوسام لم يكن سوى "عملة تذكارية تسلمها من مركز مكافحة الإرهاب". 

وذكرت بأن "العملة التذكارية من الممكن تسلمها خلال لقاء أو زيارة لأحد موظفي مركز مناهضة الإرهاب داخل أو خارج الولايات المتحدة، وهو تقليد متعارف عليه في مختلف الوزارات والمراكز الأميركية".

لم يعرف عن فليفل مناهضته للولايات المتحدة، لكنه صار كذلك. ولم يعرف عنه التزمّت الديني؛ بل على العكس فقد عرف بامتلاكه مجموعة من أبرز المراقص، أحدها هو "بار بيجيز" الشهير في العدلية، لكنه صار كذلك أيضاً. إنه رجل قابل لأن يتطوّر بسرعة. 

إن إسداله اللحية، وحديثه عن "تطبيق الواجب الديني" ضد السفير الأميركي، واستعانته بآيات القرآن الكريم الحاثة على قتال الكفّار، هي مقدمات "طفولية" ما من شك لشخص اكتشف توّاً ثمار التقديس، لكن هكذا دائماً بدأ كثير من الإرهابيين.

الرجل الذي حاز قبل سنوات على الميدالية الذهبية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وجد الله أخيراً، لكن على طريقته: الإرهابي عادل فليفل!


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus